عنهعنه بذلك إيذانا بتفخيمه كقولك : ضربت ذلك الضرب والكاف مقحمة بمعنى أن التشبيه غير مقصود منها بل المقصود لازمه الكنائي أو المجازي وهو التحقق والتقرر وهو إقحام مطرد وليست زائدة كما توهم والمعنى مثل ذلك الفتن العظيم البديع فتنا بعض الناس ببعضهم حيث قدما الآخرين في أمر الدين على ألاولين المتقدمين عليهم في أمر الدنيا ويؤول إلى دا الأمر العظيم متحقق منا ومن ظن أن التشبيه هو المقصود لم يجوز أن يكون ذلك إشارة إلى المذكور لما يلزمه من تشبيه الشيء بنفسه وتكلف لوجه التشبيه والمغايرة بجعل المشبه به الأمر المقرر في العقول والمشبه ما دل عليه الكلام من الأمر الخارجي وقيل : المراد مثل ما فتنا الكفار بحسب غناهم وفقر المؤمنين حتى أهانوهم لاخلافهم في الاسباب الدنيوية فتناهم بحسب سبق المؤمنين إلى الايمان وتخلفهم عنه حتى حسدوهم وقالوا ما قالوا لاختلاف أديانهم ولا يخفى أن الأول أدق نظرا أو أعلى كعبا وقد سلف بعض الكلام على ذلك ليقولوا أي البعض الأولون مشيرين الى ألآخرين محقرين لهم أهؤلاء من الله عليهم بان وفقهم لاصابة الحق والفوز بما يسعدهم عنده سبحانه من بيننا أي من دوننا ونحن المقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء وغرضهم بذلك إنكار المن رأسا على حد قولهم : لو كان خيرا لما سبقونا إليه لا تحقير الممنون عليهم مع الاعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه سبحانه وذكر الامام أنه سبحانه وتعالى بين في هذه الآية أن كلا من الفريقين المؤمنين والكفار مبتلى بصاحبه فأولئك الكفار الرؤساء الأغنياء كانوا يحسدون فقراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم على كونهم سابقين في الاسلام متسارعين إلى قبوله فقالوا : لو دخلنا في الاسلام لوجب علينا أن ننقاد لهؤلاء الفقراء وكان ذلك يشق عليهم ونظيره قوله تعالى : أألقي عليه الذكر من بيننا ولو كان خيرا ما سبقونا اليه وأما فقراء الصحابة فكانوا يرون أولئك الكفار في الراحة والمسرة والخصب والسعة فكانوا يقولون كيف حصلت هذه الأحوال لهؤلاء الكفار مع أنا في الشدة والضيق والقلة والمحققون المحقون فهم الذين يعلمون أن كل ما فعله الله تعالى فهو حق وصدق وحكمة وصواب ولا اعتراض عليه إما بحكم المالكية كما نقول أو بحسب المصلحة كما يقول المعتزلة انتهى وفيه نظر لأن صدر كلامه صريح في أن الكفار معترفون بوقوع المن المشار اليهم حاسدون لهم على وقوعه وهو مناف لتنظيره بقولهم : لو كان خيرا الخ وأيضا كلامة كالصريح في أن فقراء المؤمنين حسدوا الكفار على دنياهم واعترضوا على الله سبحانه بالترفيه على أعدائه والتضييق على أحبائه وذلك مما يجل عنه أدنى المؤمنين فكيف أولئك الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وأيضا مقابلة فقراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بالمحققين المحقين يدل على أنهم وحاشاهم لم يكونوا كذلك وهو بديهي البطلان عند المحققين المحقين فتدبر .
واللام ظاهرة في التعليل وهي متعلقة بفتنا وما بعدها علة له والسلف كما قال شيخنا إبراهيم الكوراني وقاضي القضاة تقي الدين محمد التنوخي وغيرهما على إثبات العلة لافعاله تعالى استدلالا بنحو عشرة آلاف دليل على ذلك واحتج النافون لذلك بوجوه ردها الثاني في المختبر وذكر الأول في مسلك السداد ما يعلم منه ردها وهذا بحث قد فرغ منه وطوي بساطه وقال غير واحد : هي لام العاقبة ونقل عن شرح المقاصد ما يأبى ذلك وهو لام العاقبة إنما تكون فيما لا يكون للفاعل شعور بالترتب وقت الفعل أو قبلة فيفعل