كثر في الاستعمال التعبير به عن أشياء عدة وأما الضمير المفرد فقد قيل فيه ذلك ونقل عن الزجاج أن الضمير راجع الى المأخوذ والمختوم عليه في ضمن ما مر أي المسلوب منكم أو راجع إلى السمع وما بعده داخل معه في القصد ولا يخفى بعده .
وجوز أن يكون راجعا إلى أحد هذه المذكورات و من مبتدأ و إله خبره و غير صفة للخبر ويأتيكم صفة أخرى والجملة كما قال غير واحد متعلق الرؤية ومناط الاستخبار أي أخبروني ان سلب الله تعالى مشاعركم من إله غيره سبحانه يأتيكم به وترك كاف الخطاب هنا قيل : لأن التخويف فيه أخف مما تقدم ومما يأتي .
وقيل : اكتفاء بالسابق واللاحق لتسط هذا الخطاب بينهما وقيل : لما كان هذا مما لا يبقى القوم معه أهلا للخطاب حذفت كافة إيماء لذلك ورعاية لمناسبة خفية انظر كيف نصرف الآيات أي نكررها على أنحاء مختلفة ومنه تصريف الرياح والمراد من الآيات على ماروى الكلبي الآيات القرآنية وهل هي على الاطلاق أو ما ذكر من أول السورة إلى هنا أو ما ذكر قبل هذا أقوال أقربها عندي الأقرب وفيها الدال على وجود الصناع وتوحيده وما فيه الترغيب والترهيب والتنبيه والتذكير وهذا تعجيب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : لمن يصلح للخطاب من عدم تأثرهم بما مر من الآيات الباهرات .
ثم هم يصدفون .
64 .
- أي يعرضون عن ذلك : وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنشد لهذا المعنى قول أبي سفيان بن الحرث : عجبت لحكم الله فينا وقد بدا له صدفنا عن كل حق منزل وذكر بعضهم أنه يقال : صدف عن الشيء صدوفا إذا مال عنه وأصله من الصدف الجانب والناحية ومثله الصدفة وتطلق على كل بناء مرتفع وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلّم مر بصدف مائل فأسرع .
والجملة عطف على تصرف داخل معه في حكمه وهو العمدة في التعجب و ثم للاستبعاد أي أنهم بعد ذلك التصريف الموجب للاقبال والايمان يدبرون ويكفرون قل أرأيتكم تبكيت آخر لهم بالجائهم إلى الاعتراف باختصاص العذاب بهم إن أتاكم عذاب الله أي العاجل الخاص بكم كما أتى أضرابكم من الأمم قبلكم بغتة أي فجأة من غير ظهور امارة وشعور ولتضمنها بهذا الاعتبار ما في الخفية من عدم الشعور صح مقابلتها بقوله سبحانه : أو جهرة وبدأ بها لأنها أردع من الجهرة وانما لم يقل : خفية لأن الاخفاء لا يناسب شأنه تعالى .
وزعم بعضهم أن البغتة استعارة للخفية بقرينة مقابلتها بالجهرة وانها مكنية من غير تخييلية ولا يخفى أنه على ما فيه تعسف لا حاجة اليه فان المقابلة بين الشيء والقريب من مقابلة كثيرة في الفصيح ومنه قوله A بشروا ولا تنفروا وعن الحسن أن البغتة أن تأتيهم ليلا والجهرة أن يأتيهم نهارا وقريء بغتة أو جهرة بفتح الغين والهاء على أنهما مصدران كالغلبة أي أتينا بغتة أو اتيانا جهرة وفي المحتسب لابن جني أن مذهب أصحابنا في كل حرف حلق ساكن بعد فتح لا يحرك الا على أنه لغة فيه كالنهر والنهر والشعر والشعر