وهو السميع العليم فيسمع خواطرها السيئة والحسنة ويعلم شرها وخيرها أو فيسمع أنينها في شوقه ويعلم انسهابه أو نحو ذلك .
قل أغير الله أتخذ وليا أي ناصرا ومعينا فاطر السموات والأرض أي مبدعها فهي ملكه سبحانه ونسبة المملوك إلى المالك نسبة اللاشيء إلى الشيء وهو يطعم ولا يطعم فهو الغنى المطلق وغيره جل شأنه محتاج بحت وطلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة من عقله قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم نفسه لربه عز شأنه والمراد بالأمر بذلك الأمر الكوني أي قل إني قيل لي : كن أول من أسلم فكنت وذلك قبل ظهور هذه التعيينات واليه الاشارة بما شاع من قوله صلى الله عليه وسلّم كنت نبيا وآدم بين الماء والطين فاول روح ركضت في ميدان الخضوع والانقياد والمحبة روح بينا A قد أسلم نفسه لمولاه بلا واسطة وكل إخوانه الانبياء عليهم الصلاة والسلام إنما أسلموا نفوسهم بواسطته E فهو A المرسل الى الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام في عالم الأرواح وكلهم أمته وهم نوابه في عالم الشهادة ولا ينافي ذلك أمره E باتباع بعضهم في النشأة الجسمانية لأن ذلك لمحص استجلاب المعتقدين باولئك البعض على أحسن وجه ولا تكونن من المشركين أي وقيل لي : لا تكونن ممن أشرك مع الله تعالى أحدا بشيء من الأشياء .
وهو القاهر فوق عباده بافنائهم والتصرف بهم كيف شاء وهو الحكيم أي الذي يفعل ما يفعل في عباده بالحكمة الخبير الذي يطلع على خفايا الأحوال ومراتب الاستحقاق قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم باظهار المعجزات وأعظم من ذلك عند العارفين ظهور أنوار الله تعالى في مرآة وجهه الشريف A الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وذلك بالصفات التي وجدوها في كتابهم لا بالنور المتلأليء على صفحات ذلك الوجه الكريم ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا باثبات وجود غيره تعالى أو كذب بآياته فاظهر صفات نفسه إنه لا يفلح الظألمون لاحتجابهم بما وضعوه في موضع ذات الله تعالى وصفاته جل وعلا ويوم نحشرهم جميعا وهو يوم القيامة الكبرى وعين الجمع ثم نقول للذين أشركوا باثبات الغير أين شركاؤكم الذين تزعمون أنهم شركاء ولهم وجود ثم لم تكن فتنتهم أي نهاية شركهم عند ظهور الأمر وبروز الكل لله الواحد القهار إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين لامتناع وجود شيء نشركه أنظر كيف كذبوا على أنفسهمبنفي الشرك عنها مع رسوخ ذلك الاعتقاد فيها وضل أي ضاع عنهم ما كانوا يفترون فلم يجدوه ومنهم من يستمع اليك من حيث أنت وجعلنا على قلوبهم أكنة حسبما اقتضاه استعدادهم أن يفقهوه وهي ظلمات النفس الأمارة وفي آذانهم وقر وهو وقر الضلالة وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها لأن على ابصارهم غشاوة العجب والجهل ولو ترى إذ وقفوا على النار وهي نار الحرمان فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا من تجليات صفاته ونكون من المؤمنين أي الموحدين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل في أنفسهم من الملكات الرديئة والهيئات المظلمة والصفات المهلكة ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه لرسوخ ذلك فيهم وإنهم لكاذبون في الدنيا والآخرة لأن الكذب عن ملكة فيهم ولو ترى إذ وقفوا على ربهم الآية قال بعض أهل التأويل هذا التصوير لحالهم في الاحتجاب والبعد وإن كانوا في عين الجمع المطلق والوقوف على الشيء غير الوقوف معه فان الأول لا يكون إلا كرها والثاني يكون طوعا ورغبة فالواقف مع الله سبحانه بالتوحيد لا يوقف للحساب وإلى ذلك الاشارة بقوله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي