عنهم يوم القيامة من القول المتناقض لما صدر عنهم في الدنيا من القبائح المحكية مع كونه كاذبا في نفسه والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلّم أو لكل من له أهلية ذلك قصدا إلى بيان سوء حالهم وبلوغها من الشناعة إلى حيث لا يختص بها راء دون راء و لو شرطية على أصلها وجوابها محذوف لتذهب نفس السامع كل مذهب فيكون أدخل في التهويل ونظير ذلك قوله امريء القيس : وجدك لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا وقولهم لو ذات سوار لطمتني و ترى بصرية وحذف مفعولها لدلالة ما في حيز الظرف عليه والايقاف اما من الوقوف المعروف أو من الوقوف بمعنى المعرفة كما يقال أو قفته على كذا إذا فهمته وعرفته واختاره الزجاج أي ولو ترى حالهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها أو يرفعوا على جسرها وهي تحتهم فينظرونها أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت ما لا يحيط به نطاق التعبير وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق .
وقيل : إن لو بمعنى إن وجوزوا أن تكون ترى علمية وهو كما ترى وقريء وقفوا بالبناء للفاعل من وقف عليه اللازم ومصدره غالبا للوقوف ويستعمل وقف متعديا أيضا ومصدره الوقف وسمع فيه أوقف لغة قليلة .
وقيل : إنه بطريق القياس فقالوا لعظم أمر ما تحققوه يا ليتنا نرد أي إلى الدنيا و يا للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قومنا مثلا ولا نكذب بآيات ربنا أي القرآن كما كنا نكذب من قبل ونقول أساطير الأولين وفسر بعضهم الآيات بما يشمل ذلك والمعجزات وقال شيخ الاسلام : يحتمل أن يراد بها الآيات الناطقة بأحوال النار وأهالها اةمرة باتقائها بناء على أنها التي تخطر حينئذ ببالهم ويتحسرون على ما فرطوا في حقها ويحتمل ان يراد بها جميع الآيات المنتظمة لتلك الآيات انتظاما أوليا ونكون من المؤمنين .
72 .
- بها حتى لا نرى هذا الموقف الهائل كما لم ير المؤمنون ونصب الفعلين على ما قال الزمخشري وسبقه اليه كما قال الحلبي الزجاج باضمار أن على جواب التمني والمعنى ان رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين ورده ابو حيان بأن نصب الفعل بعد الواو ليس على الجوابية لأنها لا تقع في جواب الشرط فلا ينعقد مما قبلها او ما بعدها شرط جواب وإنما هي واو تعطف ما بعدها على المصدر المتوهم قبلها وهي عاطفة يتعين مع النصبأحد محاملها الثلاث وهي المعية ويميزها عن الفاء صحة حلول محلها أو الحال وشبهة من قال : إنها جواب أنها تنصب في المواضع التي تنصب فيها الفاء فتهم أنها جواب ويوضح لك أنها ليست به انفراد الفاء دونها بأنها إذا حذفت أنجزم الفعل بعدها بما قبلها لما تضمنه من معنى الشرط وأجيب بأن الواو أجريت هنا مجرى الفاء وجعلها ابن الانباري مبدلة منها ويؤيد ذلك قراءة ابن مسعود وابن اسحاق فلا نكذب واعترض أيضا ما ذكره الزمخشري من معنى الجزائية بأن ردهم لا يكون سببا لعدم تكذيبهم وأجيب بأن السببة يكفي فيها كونها في زعمهم ورد بأن مجرد الرد لا يصلح لذلك فلابد من العناية بأن يراد الرد الكائن بعد ما الجأهم إلى ذلك إذ قد انكشفت لهم حقائق الاشياء ولهذه الدغدغة اختار من اختار العطف على مصدر متوهم قبل كأنه قيل ليت لنا ردا وانتفاء تكذيب وكونا من المؤمنين وقرأ نافع وابن كثير والكسائي برفع الفعلين وخرج على أن ذلك ابتداء كلام منهم غير معطوف على ما قبله والوا كالزائدة كقول المذنب لمن يؤذيه على ما صدر منه دعني ولا أعود يريد لا أعود تركتني أو لم تتركني ومن ذلك على ما قاله الامام عبد القاهر قوله :