لسؤال وقوله تعالى وما نرى معكم شفعاءكم الذين إلى قوله سبحانه وضل عنكم ما كنتم تزعمون وأجيب أن يكون ذلك في موطن آخر جميعا بين الآيات أو المعنى وما نرى شفاعة شفعائكم .
وقال شيخ الاسلام : إن هذا السؤال المنبيء عن غيبة الشركاء مع عموم الحشر لها للآيات الدالة على ذلك انما يقع بعد ما جرى بينها وبينهم من التبري من الجانبين وتقطع ما بينهم من الاسباب حسبما يحكيه قوله سبحانه : فزيلنا بينهم الخ ونحوه اما لعدم حضورها حينئذ في الحقيقة بابعاد من ذلك الموقف وإا بتنزيل عدم حضورها بعنوان الشركة والفاعة منزلة عدم حضورها في الحقيقة إذ ليس السؤال عنها من حيث هي شركاء كما يعرب عنه الوصف بالموصول ولا ريب في أن عدم الوصف يوجب عدم الموصوف من حيث هو موصوف فهي من حيث هي شركاء غائبة لا محالة وإن كانت حاضرة من حيث دواتها أصناما كانت أولا .
واما ما يقال من أنه يحال بينها وبينهم وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيروا مكان حزنهم وحسرتهم فربما يشعروا بعدم شعورهم بحقيقة الحال وعدم انقطاع حبال رجائهم عنها بعد وقد عرفت أنهم شاهدوها قبل ذلك وانصرمت عروة أطماعهم بالكلية على أنها معلومة لهم من حين الموت والابتلاء بالعذاب في البرزخ وإنما الذي يحصل في الحشر الانكشاف الجلي واليقين القوي المترتب على المحاضرة والمحاورة اه .
وتعقبه مولانا الشهاب بأنه تخيل لا أصل له لأن التوبيخ مراد في الوجوه كلها ولا يتصور حينئذ التوبيخ إلا بعد تحقق خلافه مع أن كون هذا واقعا بعد التبري في موقف آخر ليس في النظم ما يدل عليه ومثله لا يجزم به من غير نقل لاحتمال أن يكون هذا موقف التبري والاشعار المذكور لا يتأتى مع أنه توبيخ وأما العلاوة التي زيل بها كلامه فواردة عليه أيضا مع أنها غير مسلمة لأن عذاب البرزخ لا يقتضي أن يشفع لهم بعد ذلك فكم من معذب في قبره يشفع له اه .
وانت تعلم أن عذابهم إن كان بسبب اعتقادهم النفع فيهم ورجاء شفاعتهم أولئك المعذبون أن عذابهم لذلك فقوله : لأن عذاب البرزخ لايقتضي الخ ليس في محله وكذا قوله : فكم من معذب في قبره يشفع له ان أراد به فكم من معذب لمعصية من المعاصي في قبره يشفع له من يشفع فمسلم لكن لا يفيد وإن أراد فكم من معذب في قبره بسبب عبادة شيء يشفع له ذلك الشيء فمنعه ظاهر كما لا يخفى فتدبر وقرأ يعقوب يحشرهم ثم يقول بالياء فيهما والضمير فيهما لله تعالى وقوله سبحانه وتعالى للمشركين : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون .
22 .
- إما بالواسطة أو بغير واسطة والتكليم المنفي في قوله تعالى : ولا يكلمهم الخ تكليم تشريف ونفع لا مطلقا فقد كلم ابليس عليه اللعنة بما كلم والزعم يستعمل في الحق كما في قوله صلى الله عليه وسلّم زعم جبريل عليه السلام وفي حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله تعالى عنه زعم رسولك وقول سيبويه في أشياء يرتضيها : زعم الخليل ويستعمل في الباطل والكذب كما في هذه الآية .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كل زعم في القرآن فهو بمعنى الكذب وكثيرا ما يستعمل في الشيء الغريب الذي تبقى عهدته على قائله وهو هنا متعد لمفعولين وحذفا لانفهامهما من المقام أي تزعمون شركاء .
ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا أصل معنى الفتنة على ما حققه الراغب من الفتن وهو ادخال الذهب النار لتعلم جودته من رداءته ثم استعمل في معان كالعذاب والاختبار والبلية والمصيبة والكفر والاثم والضلال