وجعلتهوجعلته مشكلا قال ابن السكيت : يقال لبست عليه الامر إذا خلطته عليه حتى لا يعرف جهته أي لخلطنا عليهم بتمثيله رجلا ما يخلطون على أنفسهم حينئذ بأن يقولوا له : إنما أنت بشر ولست بملك ولو استدل على ملكيته بالمعجز كالقرآن ونحوه كذبوه كما كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلّم وإسناد اللبس اليه تعالى لأنه بخلقه سبحانه وتعالى أو للزومه لجعله رجلا .
ويحتمل أن يكون المعنى للبسنا عليهم حينئذ ما يلبسون على أنفسهم الساعة في تكذيبهم النبي A ونسبة آياته البينات الى السحر و ما على ما اختاره في الكشف على الأول موصولة وعلى الثاني يجوز أن تكون مصدرية وهو الأظهر لاستمرار حذف المثل في نحو ضربت ضرب الأمير وأن تكون موصولة أي مثل الذي يلبسونه ومتعلق يلبسون على الوجهين على أنفسهم ويفهم من كلام الزجاج أنه على ضعفائهم حيث قال : كانوا يلبسون على ضعفائهم في أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيقولون : انما هذا بشر مثلكم فاخبر سبحانه وتعالى أنه لو جعلنا المرسل إليهم ملكا لأريناهم اياه في صورة الرجل وحينئذ يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفاءهم منه .
وقرأ ابن محيصن ولبسنا بلام واحدة والزهري وللبسنا عليهم ما يلبسون بالتشديد وهذا وقد ذكر الامام الرازي في بيان وجه الحكمة في جعل الملك على تقدير انزاله في صورة البشر أمورا الأول أن الجنس إلى الجنس أميل الثاني أن البشر لا يطيق رؤية الملك الثالث ان طاعات الملك قوية فيستحقرون طاعت البشر وربما لا يعذرونهم في الاقدام على المعاصي الرابع أن النبوة فضل من الله تعالى فيختص بها من يشاء من عباده سواء كان ملكا أو بشرا ولا يخفى أنه يرد على الوجه الثالث أنه إنما يتم إذا تبدلت حقيقة الملك المقدر نزوله بحقيقة البشر وهو مع كونه من انقلاب الحقائق خلاف ما يفهم من كتب أئمة التفسير من أن التبدل صوري لا حقيقي وأن الوجه الرابع لا يظهر وجه كونه حكمة لتصوير الملك بصورة البشر .
وقول العلائي : لعل وجهه ان المصور الذي قدر كونه نبيا لما اشتمل على جهتين البشرية صورة والملكية حقيقة لم يبعد أن يكون دليلا على أن النبوة فضل من الله تعالى يختص بها من يشاء من عباده سواء كان ملكا كهذا المصور باعتبار حقيقته أو بشرا مثله باعتبار صورته مما لا يتبلج له وجه القبول .
ولقد استهزيء برسل من قبلك تسلية لرسول الله A عما يلقاه من قومه كالوليد بن المغيرة وأمية ابن خلف وأبي جهل واضرابهم أي أنك لست أول رسول استهزأ به قومه فكم وكم من رسول جليل الشأن فعل معه ذلك فالتنوين للتفخيم والتكثير ومن ابتداء متعلقة بمحذوف وقع صفة لرسل والكلام على حذف مضاف وفي تصدير الجملة بالقسم وحرف التحقيق من الاعتناء ما لا يخفى وكون التسلية بهذا المقدار مما خفي على بعض الفضلاء وهو ظاهر ولك أن تقول : إن التسلية به وبما بعده من قوله تعالى : فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون .
1 .
- لأنه متضمن أن من استهزأ بالرسل عوقب فكأنه سبحانه وتعالى وعده صلى الله تعالى عليه وسلم بعقوبة من استهزأ به عليه السلام ان أصر على ذلك .
وحاق بمعنى أحاط كما روي عن الضحاك واختاره الزجاج وفسره الفراء يعاد عليه وبال امره وقيل : حل واختاره الطبري وقيل : نزل وهو قريب من سابقه ومعناه يدور على الاحاطة والشمول ولا يكاد يستعمل