إلى ماله ذلك ثم جعل المجموع صلة في مقام يقتضي كون الصلة محمودا عليه وأجيب بأن في الكلام على ذلك التقدير إشارة إلى علو شأنه تعالى وعموم إحسانه للمستحق وغيره حيث ينعم بمثل تلك النعم الجليلة على من لا يحمده ويشرك به جل شأنه وفي ذلك تعظيم منبيء عن كمال الاستحقاق وقد يقال : وقوع هذا المعطوف موقع المحمود عليه باعتبار معنى التعظيم المستفاد من انكار مضمونه فكأنه قيل الحمد لله جل جنابه عن أن يعدل به شيء لكن لا يخفى أن المحمود عليه يجب في المشهور أن يكون جميلا اختياريا وما ذكر ليس كذلك فعليه لابد من التأويل .
وذكر شيخ الاسلام في الاعتراض على العطف المذ : ور أن ما ينتظم في سلك الصلة المنبئة عن موجبات حمده تعالى حقه أن يكون له دخل في ذلك الانباء في الجملة ولا ريب في أن كفرهم بمعزل عنه وإدعاء أن له دخلا فيه لدلالته على كمال الجود كأنه قيل : الحمد لله الذي أنعم بمثل هذه النعم العظام على من لا يحمده تعسف لا يساعده النظام وتعكيس يأباه المقام كيف لا وسياق النظم الكريم كما تفصح عنه الآيات لتوبيخ الكفرة ببيان غاية اساءتهم في حقه سبحانه وتعالى مع نهاية إحسانه تعالى إليهم لا بيان احسانه تعالى إليهم مع غاية اساءتهم في حقه D كما يقتضيه الادعاء المذكور وبهذا اتضح أنه لا سبيل إلى جعل المعطوف من روادف المعطوف عليه لما أن حق الصلة أن تكون غير مقصودة الافادة فما ظنك بروادفها وقد عرفت أن المعطوف هو الذي سيق له الكلام انتهى .
ورد بأنه لا شك في أنه على هذا الوجه يراد الحمد لله الذي أنعم بهذه النعم الجسام على من لا يحمده ولا تعسف فيه لبلاغته وادعاء التعكيس ممنوع فان المقام مقام الحمد كما تفيده الجملة المصدر بها وما بعده كلام آخر ولا يترك مقتضى مقام لأجل مقتضى مقام ءاخر إذ لكل مقام مقال وأعترض أيضا بأنه لا يصح من جهة العربية لأن الجملة خالية من رابط يربطها بالموصول اللهم إلا أن يخرج على نحو قولهم : ابو سعيد رويت عن الخدري حيث وضع الظأهر موضع الضمير وكأنه قيل : ثم الذين كفروا به يعدلون إلا أن هذا من الندور بحيث لا يقاس عليه فلا ينبغي حمل كتاب الله تعالى على مثله مع امكان حمله على الوجه الصحيح الفصيح وأجيب بانه لا يلزم من ضعف ذلك في ربط الصلة إبتداء ضعفه فيما عطف عليها فكثيرا ما يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره والجواب بأن هذا العطف لا يحتاج إلى الرابط عجيب لأنه لم يقل أحد من النحاة : إن المعطوف على الصلة بثم يجوز خلوه عن الرابط وغاية ما ذكروه أنه نكتة للربط بالاسم .
واعترض شيخ الاسلام على احتمال أن يراد بالعدل العدول مع اعتبار التشنيع عليهم بعدم الحمد بأن كفرهم به تعالى لا سيما باعتبار ربوبيته أشد شناعة وأعظم جناية من عدولهم عن حمده سبحانه فجعل أهون الشرين عمدة في الكلام مقصودا بالافادة واخراج أعظمهما مخرج القيد المفروغ منه مما لا عهدة له في الكلام السديد فكيف بالنظم التنزيلي وأجيب بانه لما كان المقام مقام الحمد ناسب التشنيع عليهم بذلك فلا يرد اعتراض الشيخ وقد ذكر هو قدس سره توجيها للآية وادعى أنه الحقيق بجزالة التنزيل وحط عليه الشهاب فيه ولعل الأمر أهون من ذلك والذي تصدح به كلماتهم أن صلة يعدلون على تقدير أن يكون من العدل بمعنى العدول متروكة ليقع الانكار على نفس الفعل وإنما قدروا له مفعولا على تقدير أن يكون من العدل