عن تلك الأشياء الموجبة للمساءة مستلزمات لابدائها فلم تخلف الابداء في مسئلة الحج ولم يفرض كل عام قلنا : لوقوع السؤال قبل النهي وما في الشرطية إنما هو السؤال الواقع بعده إذ هو الموجب للتغليظ والتشديد ولا تخلف فيه .
فان قيل : ما ذكر إنما يتمشى فيما إذا كان السؤال عن الامور المترددة بين الوقوع وعدمه كما ذكر في التكاليف الشاقةوأما إذا كان عن الأمور الواقعة قبله فلا يكاد يتسنى لأن ما يتعلق به الابداء هو الذي وقع في نفس الأمر ولا مرد له سواء كان السؤال قبل أو بعد وقد يكون الواقع ما يوجب المسرة كما في مسئلة ابن حذافة فيكون هو متعلق الابداء لا غيره فيتعين التخلف حتما قلنا : لا احتمال له فضلا عن تعينه فان المنهي عنه في الحقيقة إنما هو السؤال عن الأشياء الكوجبة للمساءة الواقعة في نفس الأمر قبل السؤال كسؤال من قال : أين أبي لا ما يعمها وغيرها مما ليس بواقع لكنه محتمل الوقوع عند المكلفين حتى يلزم التخلف في صورة عدم الوقوع .
وجملة الكلام أن مدلول النظم الكريم بطريق العبارة إنما هو النهي عن السؤال عن الأشياء التي يوجب ابداؤها المساءة البتة إما بأن تكون تلك الأشياء بعرضية الوقوع فتبدي عند السؤال بطريق الانشاء عقوبة وتشديدا كما في صورة كونها من قبيل التكاليف الشاقة وإما بأن تكون واقعة في نفس الأمر قبل السؤال فتبدى عنده بطريق الاخبار بها فالتخلف ممتنع في الصورتين معا ومنشأ توهمه عدم الفرق بين المنهي عنه وغيره بناء على عدم امتياز ما هو موجود أو بعرضية الوجود من تلك الأشياء في نفس الأمر وماليس كذلك عند المكلفين وملاحظتهم للكل باحتمال الوجود والعدم وفائدة هذا الإبهام الانتهاء عن تلك الأشياء على الإطلاق حذار ابداء المكروه انتهى وهو تحرير لم يسبق اليه والله غفور حليم .
101 .
- أي مبالغ في مغفرة الذنوب والاغضاء عن المعاصي ولذلك عفا سبحانه عنكم ولم يعاقبكم بما فرط منكم والجملة إعتراض تذييلي مقرر لما سبق من عفوه تعالى .
قد سألها أي المسئلة فالضمير في موقع المصدر لا المفعول به والمراد سأل مثلها في كونها محظورة ومستتبعة للوبال قوم وعدم التصريح بالمثل للمبالغة في التحذير وجوز أن يكون الضمير للأشياء على تقدير المضاف أيضا فالضمير في موقع المفعول به وذلك من باب الحذف والايصال والمراد سأل عنها وقيل : لا حاجة إلى جعله من ذلك الباب لأن السؤال هنا إستعطاء وهو يتعدى بنفسه كقولك : سألته درهما بمعنى طلبته منه لا استخبار كما في صدر الآية واختلف في تعيين القوم فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه هم قوم عيسى E سألوه إنزال المائدة ثم كفروا بها وقيل : هم قوم صالح عليه السلام سألوه الناقة ثم عقروها وكفروا بها وقيل : هم قوم موسى عليه السلام سالوه أن يريهم الله تعالى جهرة أو سألوه بيان البقرة .
وعن مقاتل هم بنو إسرائيل مطلقا كانوا يسألون أنبياءهم عن أشياء فإذا أخبروهم كذبوهم وعن السدي هم قريش سألوا النبي صلى الله عليه وسلّم أن يحول الصفا ذهبا وقال الجبائي : كانوا يسألونه A عن أنسابهم فاذا أخبرهم E لم يصدقوا ويقولوا : ليس الأمر كذلك ولا يخفى عليك الغث والسمين من هذه الأقوال وأن بعضها يؤيد حمل السؤال على الاستعصاء وبعضها يؤيد حمله على الاستخبار والحمل على الاستخبار اولى وإلى تعينه ذهب بعض العلماء من قبلكم متعلق بسألها وجوز كونه متعلقا بمحذوف وقع صفة لقوم واعترض