تستحقونه في ذلك قل يا محمد لايستوي الخبيث والطيب أي الرديء والجيد من كل شيء فهو حكم عام في نفي المساواة عند الله تعالى بين النوعين والتحذير عن رديهما وان كان سبب النزول أن المسلمين أرادوا أن يوقعوا بحجاج اليمامة وكان معهم تجارة عظيمة فنهوا عن ذلك على ما مر ذكره وقيل : نزلت في رجل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : سا رسول الله إن الخمر كانت تجارتي وإني جمعت من بيعها مالا فهل ينفعني ذلك إن عملت فيه بطاعة الله تعالى فقال النبي A : إن أنفقته في حج أو جهاد لم يعدل جناح بعوضة إن الله تعالى لايقبل إلا الطيب .
وعن الحسن واختاره الجبائي الخبيث الحرام والطيب الحلال وأخرج ابن جرير وغيره عن السدي قال : الخبيث هم المشركون والطيب هم المؤمنون وتقديم الخبيث في الذكر للأشعار من أول الأمر بأن القصور الذي ينبيء عنه عدم الاستواء فيه لا في مقابله وقد تقدمت الاشارة إلى تحقيقه ولو أعجبك أي وإن سرك أيها الناظر بعين الاعتبار كثرة الخبيث .
وقيل الخطاب للنبي A والمراد أمته والوا لعطف الشرطية على مثلها المقدر وقيل الحال أي لو لم يعجبك ولو أعجبك وكلتاهما في موضع الحال من فاعل لايستوي أي لايستويان كائنين على كل حال مفروض وقد حذفت الاولى في مثل هذا التركيب لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة فان الشيء إذا تحقق مع المعارض فلأن يتحقق بدونه أولى وجواب لو محذوف في الجملتين لدلالة ما قبلها عليه فاتقوا الله يا أولي الألباب في تحري الخبيث وان كثر وآثروا عليه الطيب وان قل فان مدار الاعتبار هو الخيرية والرداءة لا الكثرة والقلة وفي الاكثر أحسن كل شيء أقله ولله در من قال : والناس ألف منهم كواحد وواحد كالالف إن أمر عنا وفي الآية كما قيل إشارة الى غلبة أهل الاسلام وإن قلوا لعلكم تفلحون .
1 .
- راجين أن تنالوا الفلاح والفوز بالثواب العظيم والنعيم المقيم يا أيها الذين ءامنوا لا تسألوا عن أشياء ظاهر اللفظ كما قال ابن يعيش يقضي بكونها جمع شيء لأن فعلا إذا كان معتل العين يجمع في القلة على أفعال نحو بيت وأبيات وشيخ وأشياخ الا إنهم رأوها غير مصروفة في حال التنكير كما هنا فتشعبت آراء الجماعة فيها فذهب سيبويه والخليل إلى أن الهمزة للتأنيث وان الكلمة اسم مفرد يراد به الجمع نحو الحلفاء والطرفاء فأشياء في الأصل شيئاء بهمزتين بينهما ألف فقدمت الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة على الفاء لاستثقال همزتين بينهما ألف قبلهما حرف علة وهو الياء والهمزة الثانية زائدة للتأنيث ولذلك لا تتصرف ووزنها لفعاء وقصارى ما في هذا المذهب القلب وهو كثير في كلامهم ارتكبوه مع عدم الثقل كما في أينق وقسى ونحوهما فارتكابه مع الثقل أولى فلا يضر الاعتراض بانه خلاف الأصل وذهب الفراء إلى أنها جمع شيء بياء مشددة وهمزة بوزن هين ولين إلا أنهم خففوه فقالوا شيء كميت في ميت وبعد التخفيف جمعوه على أشياء بهمزتين بينهما ألف بعد ياء بزنة أفعلاء فاجتمعت همزتان إحداهما لام الكلمة والاخرى للتأنيث فخففوا ذلك بقلب الهمزة الأولى ياء ثم حذفوا الياء الأولى التي هي عين الكلمة فصار وزنه أفعلاء وقيل : في تصريف هذا المذهب أنهم حذفوا الهمزة التي هي لام الكلمة لأن الثقل حصل بها فوزنها أفعاء ومنع الصرف لهمزة التأنيث واستحسن هذا المذهب لو كان