من جملتها توحيد الذات ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا بالدليل وبواسطة الرياضة من الحق الذي أنزل الى الرسول صلى الله عليه وسلّم يقولون ربنا ءامنا بذلك فاكتبنا مع الشاهدين المعاينين لذلك ومالنا لانؤمن بالله جمعا وما جاءنا من الحق تفصيلا ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين الذين استقاموا بالبقاء بعد الفناء فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار من التجليات الثلاث مع علومها وذلك جزاء المحسنين المشاهدين للوحدة في عين الكثرة بالاستقامة في الله D والذين كفروا أي حجبوا عن الذات وكذبوا بآياتنا الدال على التوحيد اولئك أصحاب الجحيم لحرمانهم الكلي واحتجابهم بنفوسهم وصفاتها والله تعالى الموفق .
يا أيها الذين ءامنوا لاتحرموا طيبات ما أحل الله لكم أي لذائذ ذلك وما تميل إليه القلوب منه كأنه لما تضمن ماسلف من مدح النصارى على الرهبانية ترغيب للمؤمنين في كسر النفس ورفض الشهوات عقب سبحانه ذلك بالنهي عن الافراط في هذا الباب أي لاتمنعوها أنفسكم كمنع التحريم وقيل : لا تلتزموا تحريمها بنحو يمين وقيل : لاتقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدا منكم وكون المعنى لاتحرموها على غيركم بالفتوى والحكم مما لايلتفت إليه فقد روي أن رسولالله A جلس يوما فذكر الناس ووصف القيامة فرق الناس وبكوا واجتمع عشرة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم علي كرم الله وجهه وأبو بكر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن مسعود وأبو ذر الغفاري وسالم مولى ابي حذيفة وعبد الله بن عمر والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن وصاحب البيت واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولايناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولايقربوا النساء والطيب ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض وهم بعضهم أن يجب مذاكيره فبلغ ذلك رسول الله A فأتى دار عثمان فلم يصادفه فقال لأمرأته أم حكيم : أحق مابلغني عن زوجك وأصحابه فكرهت أن تنكر إذ سألها رسول الله A وكرهت أن تبدي على زوجها فقالت : يارسول الله إن كان أخبرك عثمان فقد صدقك وانصرف رسول الله A فلما دخل عثمان فأخبرته أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو وأصحابه فقال E لهم : انبئت أنكم اتفقتم على كذا وكذأ قال : نعم يا رسول الله وما اردنا إلا الخير فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إني لم أومر بذلك ثم قال E : إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فاني اقوم وانام واصوم وافطر واكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ثم جمع الناس وخطبهم فقالمابال اقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا أما أني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا فانه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وان سياحة امتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد اعبدوا الله تعالى ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فانما هلك من قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله تعالى عليهم فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وروي عن ابي عبد الله رضي الله تعالى عنه أن الآية نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه وبلال وعثمان ابن مضعون فاما علي كرم الله تعالى وجهه فانه حلف ان لاينام بالليل ابدا الا ماشاء الله تعالى واما بلال