ترك الأيمان والطمع في صحبة الصالحين أو على معنى مالنا لانجمع بين الايمان والطمع المذكور بالدخول في الاسلام لأن الكافر ماينبغي له أن يطمع في تلك الصحبة وموضع المنسبك من ان وما بعدها إما نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه والمراد في أن يدخلنا واختار غير واحد من المعربين أن نا مفعول اول ليدخل والمفعول الثاني محذوف اي الجنة قيل : ولولا إرادة ذلك لقال سبحانه في القوم بدل مع القوم فأثابهم الله بما قالوا أي بسبب قولهم أو بالذي قالوه عن اعتقاد فان القول إذا لم يقيد بالخلو عن الاعتقاد يكون المراد به المقارن له كما قيل هذا قول فلان لأن القول إنما يصدر عن صاحبه لافادة الاعتقاد .
وقيل : ان القول هنا مجاز عن الرأي والاعتقاد والمذهب كما ياقل : هذا قول الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه مثلا أي هذا مذهبه واعتقاده وذهب كثير من المفسرين إلى أن المراد بهذا القول قولهم : ومالنا لانؤمن الخ .
واستظهر ابو حيان أنه عني به قولهم : ربنا امنا وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه وعطاء أن المراد به فاكتبنا مع الشاهدين وقولهم ونطمع أن يدخلنا ربنا الخ قال الطبرسي : فالقول على هذا بمعنى المسألة وفيه نظر واإثابة المجازاة وفي البحر أنها أبلغ من الاعطاء لأنها ما تكون عن عمل بخلاف الاعطاء فانه لايلزم فيه ذلك وقرأ الحسن فآتاهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبد الآبدين وهو حال مقدرة وذلك المذكور من الأمر الجليل الشأن جزاء المحسنين 58 أي جزاؤهم وأقيم الظاهر مقام ضميرهم مدحا لهم وتشريفا بهذا الوصف الكريم ويحتمل أن يراد الجنس ويندرجون فيه اندراجا أوليا أي جزاء الذين اعتادوا الاحسان في الأمور والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم 68 عطف التكذيب بآيات الله تعالى على الكفر مع انه ضرب منه لما أن القصد إلى بيان حال المكذبين وذكرهم بمقابلة المصدقين بها ليقترن الوعيد بالوعد وبضدها تتبين الأشياء .
هذا ومن باب الإشارة في بعض ما تقدم من الآيات يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ذهب كثير من ساداتنا الصوفية إلى أن هذا أمر منه عز شأنه أن يبلغ رسوله صلى الله عليه وسلّم ما أنزله إليه مما يتعلق بأحكام العبودية ولم يأمره جل جلاله بأن يعرف الناس اسرار مابينه وبينه فان ذرة من اسراره سبحانه لاتتحملها السموات والارض وهذ الأسرار هي المشار اليها بقوله تعالى فاوحى إلى عبده ما أوحى ولهذا قال سبحانه ما أنزل إليك ولم يقل ما خصصناك به او تعرفنا به اليك .
وقال بعضهم وهو المنصور : أن الموصول عام ويندرج فيه الوحي والالهامات والمنامات والمشاهدات وسائر المواهب والرسول A مأمور بتبليغ كل ذلك إلا أن مراتب التبليغ مختلفة حسب اختلاف الاستعدادات فتبليغ بالعبارة وتبليغ بالاشارة وتبليغ بالهمة وتبليغ بالجذبة إلى غير ذلك فسبحان من أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها والله تعصمك من الناس بما اودع فيك من اسرار الألوهية فلا يقدرون أن يوصلوا اليك ما يقطعك عن الله تعالى وقريب من ذلك ما قيل : يعصمك منهم أن يكون لك بهم اشتغال وقيل : يعصمك من ان ترى لنفسك فيهم شيئا بل ترى الكل منه سبحانه وبه قل يا أهل الكتاب لستم على شيء يعتد به حتى تقيموا التوراة فتعطوا الظاهر حقه وتعملوا بالشريعة على الوجه الأكمل مع