صلى الله عليه و سلم بالنساء ثم قال E : فاعقلوا قولى فانى قد بلغت وقد تركت فيكم ماإن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم إلى أن قال : بأبى هو وأمى صلى الله عليه و سلم اللهم هل بلغت قال ابن إسحق : فذكر لى أن الناس قالوا : اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم اشهد انتهى .
فان هذه الرواية ظاهرة فى أن الخطبة كانت يوم عرفة يوم الحج الأكبر كما فى رواية يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ويوم الغدير كان اليوم الثامن عشر من ذى الحجة بعد أن فرغ صلى الله عليه و سلم وسلم من شأن المناسك وتوجه إلى المدينة المنورة وحينئذ يكون المأمور بتبليغه أمرا آخرا غير مابلغه صلى الله عليه و سلم قبل وشهد الناس على تبليغه واشهد الله تعالى على ذلك وليس هذا إلا الخلافة الكبرى والامامة العظمى فكأنه سبحانه يقول : ياأيها الرسول بلغ كون على كرم الله تعالى وجهه خليفتك وقائما مقامك بعدك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وإن قال لك الناس حين قلت : اللهم هل بلغت اللهم نعم لأنا نقول : إن الشرطية فى الأمر الأول بعد غمض العين عما فيه ممنوعة لجواز أن يراد بالموصول فى الآيتين الأحكام الشرعية المتعلقة بمصالح العباد فى معاشهم ومعادهم ولايلزم الخلو عن الفائدة إذ كم آية تكررت فى القرآن وأمر ونهى ذكر مرارا للتأكيد والتقرير على أن بعضهم ذكر أن فائدة الأمر هنا إزالة توهم أن النبى صلى الله عليه و سلم الله تعالى عليه وسلم ترك أو يترك تبليغ شىء من الوحى تقية ويرد على الأمر الثانى أمران : الأول أن كون يوم الغدير بعد يوم عرفة مسلم لكن لانسلم أن الآية نزلت فيه ليكون المأور بتبليغه أمر آخرا بل الذى يقتضيه ظاهر الخطبة وقول النبى صلى الله عليه و سلم فيها اللهم هل بلغت أن الآية نزلت قبل يومى الغدير وعرفة وماورد فى غير ماأثر من أن سورة المائدة نزلت بين مكة والمدينة فى حجة الوداع لايصلح دليلا للبعدية وللقبلية إذ ليس فيه ذكر الإياب ولا الذهاب وظاهر حاله صلى الله عليه و سلم فى تلك الحجة من اراءة المناسك ووضع الربا ودماء الجاهلية وغير ذلك مما يطول ذكره وقد ذكره أهل السير يرشد إلى أن النزول كان فى الذهاب والثانى أنا لو سلمنا كون النزول يوم الغدير فلانسلم أن المأمور بتبليغه أمر آخر وغاية مايلزم حينئذ لزوم التكرار وقد علمت فائدته وكثرة وقوعه سلمنا أن المأمور بتبليغه أمر آخر لكنا لانسلم أنه ليس إلا الخلافة وكم قد بلغ صلى الله عليه و سلم بعد ذلك غير ذلك من الآيات المنزلة E والذى يفهم من بعض الروايات أن هذه الآية قبل حجة الوداع فقد أخرج ابن مردويه والضياء فى مختاره عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أى آية أنزلت من السماء أشد عليك فقال : كنت بمنى أيام موسم واجتمع مشركو العرب وأفناء الناس فى الموسم فأنزل على جبريل عليه السلام فقال : ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رساته الآية قال : فقمت عند العقبة فناديت : ياأيها الناس من ينصرنى على أن أبلغ رسالات ربى ولكم الجنة أيها الناس قولوا : لاإله إلا الله وأنا رسول الله إليكم تفحلوا وتنجحوا ولكم الجنة قال E : فما بقى رجل ولاامرأة ولاأمة ولاصبى إلا يرمون على بالتراب والحجارة ويقولون : كذاب صابىء فعرض على عارض فقال : يا محمد إن كنت رسول الله فقد آن لك أن تدعوا عليهم كما دعا نوح على قومه بالهلاك فقال النبى صلى الله عليه و سلم : اللهم اهد قومى فانهم لايعلمون وانصرنى عليهم أن يجيبونى إلى طاعتك فجاء العباس عمه فأنقذه منهم وطردهم عنه