ثابت أو معلوم وقيل : الواو بمعنى مع أى هل تنقمون منا إلا الإيمان مع أن أكثركم الخ .
وتعقبه العلامة التفتازانى بأن هذا لايتم على ظاهر كلام النحاة من أنه لابد فى المفعول معه من المصاحبة فى معمولية الفعل وحينئذ يعود المحذور وهو أنهم نقموا كون أكثرهم فاسقين نعم يصح على مذهب الأخفش حيث اكتفى فى المفعول معه بالمقارنة فى الوجود مستدلا بقولهم : سرت والنيل وجئتك وطلوع الشمس وبحث فيه بان ذلك الاشتراط فى المفعول معه لايوجب الاشتراط فى كل واو بمعنى مع فليكن الواو بمعنى مع من غير أن يكون مفعولا معه لانتفاء شرطه وهو مصاحبته معمول الفعل بل يكون للعطف .
وقيل : الواو زائدة وأن أكثركم الخ فى موضع التعليل أى هل تنقمون منا إلا الايمان لأن أكثركم فاسقون .
وقرأ أبو نعيم بن ميسرة وإن أكثركم بكسر الهمزة والجملة حينئذ مستأنفة مبنية لكون أكثرهم متمردين والمراد بالأكثر من لو يؤمن وما آمن منهم إلاقليل قل هل أنبئكم بشر من ذلك تبكيت لأولئك الفجرة أيضا ببيان أن الحقيق بالنقم والعيب حقيقة ماهم عليه من الدين المحرف وفيه نعى عليهم على سبيل التعريض بجناياتهم وما حاق بهم من تبعاتها وعقوباتها ولم يصرح سبحانه لئلا يححملهم التصريح بذلك على ركوب متن المكابرة والعناد وخاطبهم قبل البيان بما ينبىء عن عظم شأن المبين ويستدعى إقبالهم على تلقيه من الجملة الاستفهامية المشوقة إلى المخبر به والتنبئة المشعرة بكونه أمرا خطرا لما أن النبأ هو الخبر الذى له شأن وخطر والإشارة إلى الدين المتقوم لهم واعتبرت الشرية بالنسبة إليه مع أنه خير محض منزه عن شائبة الشرية بالكلية مجاراة معهم على زعمهم الباطل المنعقد على كمال شريته وحاشاه ليثبت أن دينهم شر من كل شر ولم يقل سبحانه بأنقم تنصيصا على مناط الشرية لأن مجرد النقم لايفيدها البتة لجواز كون العيب من جهة العائب .
فكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم وفى ذلك تحقيق لشرية ما سيذكر وزيادة تقرير لها وقيل إنما قال : بشر لوقوعه فى عبارة المخاطبين فقد أخرج ابن اسحق وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : أتى النبى صلى الله عليه و سلم نفر من يهود فيهم أبو ياسر لن أخطب ونافع بن أبى نافع وغازى بن عمرو وزيد وخالد وإزار بن أبى إزار فسالوه E عم يؤمن به من الرسل قل : أومن بالله تعالى وماأنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإاسحق ويعقوب والاسباط وماأوتى موسى وعيسى وماأوتى النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فلما ذكر عيسى E جحدوا نبوته وقالوا : لانؤمن بعيسى ولانؤمن بمن آمن به ثم قالوا كما فى رواية الطبرانى لانعلم دينا شرا من دينكم فأنزل الله تعالى الآية وبهذا الخبر انتصر من ذهب إلى أن المخاطبين بأنبئكم هم أهل الكتاب .
وقال بعضهم : المخاطب هم الكفار مطلقا وقيل هم المؤمنون كما اختلف فى الخطاب اختلف فى المشار اليه بذلك فالجمهور على ماقدمناه وقيل : الاشارة إلى الأكثر الفاسقين ووحد الاسم إما لأنه يشار به الى الواحد وغيره وليس كالضمير أو لتأويله بالمذكور ونحوه .
وقيل : الإشارة إلىالأشخاص المتقدمين الذين هم أهل الكتاب والمراد أن السلف شر من الخلف مثوبة عند الله أى جزاءا ثابتا عنده تعالى وهو مصدر ميمى بمعنى الثواب ويقال فى الخير والشر لأنه