مبالغ فى تعلق العلم فى جميع الاشياء التى من جملتها من هو أهل الفضل ومحله والجملة اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ماقبله وإظهار الاسم الجليل للاشعار بالعلة وتأكيد استقلال الجملة الاعتراضية كما مر غير مرة .
هذا ومن باب الاشارة فى الآيات على ماقاله بعض العارفين إنا أنزلنا الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب يحتمل أن يكون الكتاب الأول إشارة إلى علم الفرقان والثانى إشارة إلى علم القرآن والأول هو ظهور تفاصيل الكمال والثانى هو العلم الاجمالى الثابت فى الاستعداد ومعنى كونه مهيمنا عليه حافظا عليه بالاظهار ويحتمل أن يكون الأول إشارة إلى مابين أيدينا من المصحف والثانى إشارة إلى الجنس الشامل للتوراة التى دعوتها للظاهر والانجيل الذى هو دعوته للباطن وكتابنا مشتمل على الأمرين حافظ لكل من الكتابين فاحكم بينهم بماأنزل الله من العدل التى هى ظل الوحدة التى انكشقت عليك ولاتتبع أهوائهم فى تغليب أحد الجانبين إما الظاهر وإما الباطن لكل منكم جعلنا شرعة موردا كمورد النفس ومورد القلب ومورد الروح ومنهاجا طريقا كعلم الاحكام والمعارف التى تتعلق بالنفس وسلوك طريق الباطن الموصل إلى جنة الصفات وعلم التوحيد والمشاهدة الذى يتعلق بالروح وسلوك طريق الفناء الموصل إلى جنة الذات وقال بعضهم : إن الله سبحانه بحارا للأرواح وأنهار للقلوب وسواقى للعقول ولكل واحد منها شرعة فى ذلك ترد منها كشرعة العلم وشرعة القدرة وشرعة الصمدية وشرعةالمحبة إلى غير ذلك وله D طرق بعدد أنفاس الخلائق كما قال أبو يزيد قدس سره والمراد بها الطرق الشخصية لامطلقا وكلها توصل اليه سبحانه وهذا إشارة إلى اختلاف مشارب القوم وعدم اتحاد مسالكهم وقد قال جل وعلا : قد علم كل أناس مشربهم وفرق سبحانه بين الأبرار والمقربين فى ذلك وقلما يتفق اثنان فى مشرب ومنهج ومن هنا ينحل الاشكال فيما حكى عن حضرة الباز الأشهب مولانا الشيخ محيى الدين عبد القادر قد سره أنه قال : لازلت أسير فى مهامه القدس حتى قطعت الآثار فلاح لى إثر قدم من بعيد فكادت روحى تزهق فاذا النداء هذا أثر قدم نبيك محمد صلى الله عليه وسلّم فان ظاهره يقتضى سبقه للانبياء والرسل أرباب التشريع عليهم الصلاة والسلام ونحوهم من الكاملين وهو كما ترى ووجهه أنه قدس سره قطع الآثار فى الطريق الذى هو فيه وذلك يقتضى السبق على سالكى ذلك الطريق لاغير فيجوز أن يكون مسبوقا بمن ذكرنا من السالكين طريقا آخر غير ذلك الطريق وهذا أحسن مايخطر لى فى لجواب عن ذلك الإشكال نظرا إلى مشربى ومشارب القوم شتى ولو شاء لجعلكم أمة واحدة متفقين فى المشرب والطريق ولكن ليبلوكم فيما آتاكم أى ليظهر عليكم ماآتاكم بحسب استعداداتكم على قدر قبول كل واحد منكم فاستبقوا الخيرات أى الأمور الموصلة لكم إلى كمالكم الذى قدر لكم بحسب الاستعدادات المقربة إياكم اليه بإخراجه إلى الفعل إلى الله مرجعكم فى عين جمع الوجود على حسب المراتب فينبئكم بما كنتم تختلفون وذلك باظهار آثار مايقتضيه ذلك الاختلاف وأن احكم بينهم حسب ماتقتضيه الحكمة ويقبله الاستعداد بما أنزل الله اليك من القرآن الجامع للظاهر والباطن ولاتتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتونك عن بعض ماأنزل الله فتقصر على الظاهر البحت أو الباطن المحض وتنفى الآخر فان تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم بذنوبهم كذنب حجب الأفعال لليهود وذنب حجب الصفات للنصارى وإن كثيرا من الناس لفاسقون وأنواع الفسق مختلفة ففسق اليهود خروجهم عن حكم تجليات الافعال الآلهية برؤية