مما فى كتابهم وإنما الذين كلفوا العمل به من مضى قبل النسخ والخطاب كما قال جماعة من المفسرين للناس كافة الموجودين والماضين بطريق التغليب و الشرعة بكسر الشين وقرأ يحيى بن وثاب بفتحها الشريعة وهى فى الأصل الطريق الظاهر الذى يوصل من إلى الماء والمراد بها الدين واستعمالها فيه لكونه سبيلا موصلا إلى ماهو سبب للحياة الأبدية كما ان الماء سبب للحياة الفانية أو لانه طريق إلى العمل الذى يطهر العامل عن الأوساخ المعنوية كما أن الشريعة طريق الى الماء الذي يطهر مستعمله عن الأوساخ الحسية .
وقال الراغب : سمى الدين شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث أن من شرع فى ذلك على الحقيقة روى وتطهر وأعنى بالرى ماقال بعض الحكماء : كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب وبالتطهر ماقال تعالى : ويطهركم تطهيرا والمنهاج الطريق الواضح فى الدين من نهج الأمر إذا وضح والعطف باعتبار جمع الأوصاف وقال المبرد : الشرعة ابتداء الطريق المستقيم وقيل : هما بمعنى واحد وهو الطريق والتكرير للتأكيد والعطف مثله فى قول الحطيئة : .
وهند أتى من دونها النأى والبعد .
وقول عنترة : حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم وقيل : الشرعة الطريق مطلقا سواء كان واضحا أم لا وقيل : المنهاج الدليل وقيل الشرعة النبى صلى الله عليه وسلّم والمنهاج الكتاب وقيل : الشرعة الأحكام الفرعية والمنهاج الاحكام الاعتقادية وليس بشىء واللام متعلقة بجعلنا المتعدية لواحد وهو إخبار بجعل ماضى لا إنشاء وتقديمها عليه للتخصيص و منكم متعلق بمحذوف وقع صفة لما عوض عنه تنوين كل أى ولكل أمة كائنة منكم أيها الأمم الباقية والخالية عينا ووضعنا شرعة ومنهاجا خاصين بتلك الأمة لاتكاد أمة تتخطى شرعتها والأمة التى كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى E شرعتهم مافى التوراة والتى كانت من مبعث عيسى عليه السلام إلى مبعث أحمد E شرعتهم مافى الإنجيل وأما أنتم أيها الموجودون فشرعكتم مافى الفرقان ليس إلا فآمنوا به واعملوا بما فيه وأوجب أبو البقاء تعلق منكم بمحذوف تقديره أعنى ولم يجوز الوصفية لما أن ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبى الذى لاتسديد فيه للكلام ويوجب أيضا أن يفصل بين جعلنا ومعموله وهو شرعة وقال شيخ الإسلام : لاضير فى توسط جعلنا بين الصفة والموصوف كما فى قوله تعالى : أغير الله اتخذ وليا فاطر السموات والأرض الخ والفصل بين الفعل ومفعوله لازم على كل حال وماذكر من كون الخطاب للامم هو الظاهر وقيل : إنه للانبياء الذين أشير إليهم فى الآيات قبل ولايخفى بعده وأبعد منه جعل الخطاب لهذه الأمة المحمدية ولايساعده السباق ولا اللحاق واستدل بالآية من ذهب إلى أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا لأن الخطاب كما علمت يعم الأمم والام للاختصاص فيكون لكل أمة دين يخصها ولو كان متعبدا بشريعة أخرى لم يسكن ذلك الاختصاص .
وأجاب العلامة التفتازانى بعد تسليم دلالة اللام على الاختصاص الحصرى بمنع الملازمة لجواز أن نكون متعبدين بشريعة من قبلنا مع زيادة خصوصيات فى ديننا يكون الاختصاص وفيه أنه لاحاجة فى إفادة الحصر لما ذكر مع تقدم المتعلق وأيضا الخصوصيات المذكورة لاتنافى تعبدنا بشرع من قبلنا لأن القائلين به يدعون أنه فيما لم يعلم نسخه ومخالفة ديننا له لامطلقا إذ لم يقل به احد على الاطلاق ولذا جمع المحققون بين أضراب هذه الآية الدالة عالى اختلاف الشرائع وبين مايخالفها نحو قوله تعالى : شرع لكم من الدين ماوصى