تقيكم الحر وإما متعلق بأنزلنا ولعل الفاصل ليس بالأجنبى ليضر وقبل : بأنزل على صيغة المبنى للمفعول وحذف لدلالة الكلام عليه وتكون الجملة حينئذ معترضة وعلى هذا تكون الآية نصا فى تخصيص النبيين بأنبياء بنى اسرائيل لأنه لايلزم من انزالها لهم اختصاصها بهم وقيل : الجار متعلق بهدى ونور وفيه فصل بين المصدر ومعموله وقيل : متعلق بمحذوف وقع صفة لهما أى هدى ونور كائنان لهما وكلام الزجاج يحتمل هذا وما قبله والربانيون والأحبار أى العباد والعلماء قاله قتادة وقال مجاهد : الربانيون العلماء الفقهاء وهم فوق الاحبار وعن ابن زيد الربانيون الولاة والاحبار العلماء والواحد : حبر بالفتح والكسر قال الفراء : وأكثر ما سمعت فيه الكسر وهو مأخزذ من التحبير والتحسين فان العلماء يحبرون العلم ويزينونه ويبيونه ومن ذلك الحبر بكسر الحاء لاغير لما يكتب به وهذا عطف على النبيون أى هم أيضا يحكمون بأحكامها وتوسيط المحكوم لهم كما قال شيخ الاسلام بين المتاطفين للايذان بأن الأصل فى الحكم بها وحمل الناس على مافيها هم النبيون وإنما الربانيون والأحبار خلفاء ونواب لهم فى ذلك كما ينبىء عنه قوله تعالى : بما استحفظوا أى بالذى استحفظوه من جهة النبيين وهو التوراة حيث سألوهم أن يحفظوها من التغيير والتبديل علىالاطلاق ولاريب فى أن ذلك منهم عليهم السلام مشعر باستخلافهم فى اجراء أحكامها من غير إخلال بشىء منها والجار متعلق بيحكم و ما موصولة وضمير الجمع عائد إلى الربانيين والاحبار وقوله تعالى : من كتاب الله بيان لما وفى الابهام والبيان بذلك ملالايخفى من تفخيم أمر التوراة ذاتا وإضافة وفيه أيضا تأكيد إيجاب حفظها والعمل بما فيها والباء الداخلة عل الموصول سببية فلا يلزم تعلق حرفى جر متحدى المعنى بفعل واحد أى ويحكم الربانيون والاحبار أيضا بالتوراة بسبب ماحفظوه من كتاب الله حسبما وصاهم به أنبياؤهم وسألوهم أن يحفظوه وليس المراد بسببيته لحكمهم ذلك سببيته من حيث الذات بل من حيث كونه محفوظا فان تعليق حكمهم بالموصول مشعر بسببية الحفظ المترتب لامحالة علىمافى حيز الصلة من الاستحفاظ له وتوهم بعضهم أن ما بمعنى أمر و من لتبيين مفعول محذوف لاستحفظوا والتقدير بسبب أمر استحفظوا به شيئا من كتاب الله وهو مما لاينبغى أن يخرج عليه كتاب الله تعالى وقيل : الأولى أن تجعل ما مصدرية ليستغنى عن تقدير العائد وحينئذ لايتأتى القول بأن من بيان لها ومن الناس من جوز كون بما بدلا من بها وأعيد الجار لطول الفصل وهو جائز أيضا وإن لم يطل ومنهم من أرجع الضمير المرفوع للنبيين ومن وعطف عليهم فالمستحفظ حينئذ هو الله تعالى وحديث الأنباء لايتأتى إذ ذاك وقيل : إن الربانيون فاعل بفعل محذوف والباء صلة له والجملة معطوفة على ماقبلها ويحكم الربانيون والاحبار بحكم كتاب الله تعالى الذى سألهم أنبياؤهم أن يحفظوه من التغيير وكانوا عليه شهداء عطف على استحفظوا ومعنى شهداء رقباء يحمونه من أن يحوم حول حماه التغيير والتبديل بوجه من الوجوه أو شهداء عليه أنه حق .
ورجح على الأول بأنه يلزم عليه أن يكون الربانيون والاحبار رقباء على أنفسهم لايتركونها أن تغير وتحرف التوراة لأن المحرف لايكون إلا منهم لا من العامة وهو كماترى ليس فيه مزيد معنى وإرجاع ضمير كانوا للنبيين ممال ايكاد يجوز وقيل : عطف على يحكم المحذوف المراد منه حكاية الحال الماضية أى حكم الربانيون والاحبار بكتاب الله تعالى