وقرى ء السحت بفتح السين على لفظ المصدر أريد به المسحوت كالصيد بمعنى الصيد و السحت بفتحتين و السحت بكسر السين فان جاءوك خطاب للنبى صلى الله عليه وسلّم والفاء فصيحة أى إذا كان حالهم كما شرح فان جاءوك متحاكمين اليك فيما شجر بينهم من الخصومات فاحكم بينهم بما أراك الله تعالى أو اعرض عنهم غير مبال بهم ولامكترث وهذا كما ترى تخيير له A بين الأمرين وهو معارض لقوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنزل الله وتحقيق المقام على ماذكر الجصاص فى كتاب الأحكام أن العلماء اختلفوا فذهب قوم إلى أن التخيير منسوخ بالآية الأخرى وروى ذلك ابن عباس واليه ذهب أكثر السلف : قالوا : إنه A كان أولا مخيرا ثم أمر E بإجراء الأحكام عليهم ومثله لايقال من قبل الرأى وقيل : إن هذه الآية فيمن لم يعقد له ذمة والأخرى فى أهل الذمة فلانسخ وأثبته بعضهم بمعنى التخصيص لأن من أخذت منه الجزية تجرى عليه أحكام الاسلام وروى هذا عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه أيضا .
وقال أصحابنا : أهل الذمة محمولون على أحكام الاسلام فى البيوع والمواريث وسائر العقود إلا فى بيع الخمر والخنزير فانهم يقرون عليه ويمنعون من الزنا كالمسلمين فانهم يقرون عليه ويمنعون من الزنا كالمسلمين فانهم نهوا عنه ولايرجمون لأنهم غير محصنين وخبر الرجم السابق سبق توجيهه واختلف فى مناكحتهم فقال أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه : يقرون عليها وخالفه فى بعض ذلك محمد وزفر وليس لنا عليهم اعتراض قبل التراضى بأحكامنا فمتى تراضوا بها وترافعوا الينا وجب إجراء الأحكام عليهم وتمام فى الفروع وإن تعرض عنهم بيان لحال الأمرين بعد تخييره A بينهما وتقديم حال الاعراض للمسارعة إلى بيان أنه لاضرر فيه حيث كان مظنة لترتب العداوة المقتضية للتصدى للضرر فمآ ل المعنى إن تعرض عنهم ولم تحكم بينهم فعادوك وقصدوا ضررك فلن يضروك بسبب ذلك شيئا من الضرر فان الله تعالى يحفظك من ضررهم وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط أى بالعدل الذى أمرت به وهو ما تضمنه القرآن واشتملت عليه شريعة الاسلام وماروى عن على كرم الله تعالى وجهه من أنه قال : لو ثنيت لى الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم وأهل الانجيل بإنجيلهم إن صح يراد منه لازم المعنى إن الله يحب المقسطين .
42 .
- أى العادلين فيحفظهم عن كل مكروه ويعظم شأنهم وكيف يحكمونك وعندهم التوراة قيها حكم الله تعجيب من تحكيمهم من لايؤمنون به والحال أن الحكم منصوص عليه فى كتابهم الذى يدعون الإيمان به وتنبيه على أن ذلك التحكيم لم يكن لمعرفة الحق وإنما هو لطلب الأهون وإن يكن ذلك حكم الله تعالى بزعمهم فقوله سبحانه : وعندهم التوراة حال من فاعل يحكومنك وقوله تعالى : فيها حكم الله حال من التوراة إن جعلت مرتفعة بالظرف وكون ذلك ضعيفا لعدم اعتماد الظرف سهو لأنه معتمد كما قال السمين على ذى الحال لكن قال : جعل التوراة مرفوعا بالظرف المصدر بالواو محل نظر ولعل وجهه أنها تجعله جملة مستقلة غير معتمدة أو أنه لايقرن بالواو وإن جعلت مبتدأ فهو حال من ضميرها المستكن فى الخبر لأنه لايصح مجىء الحال من المبتدأ عن سيبويه