به الخبر من الاستقرار والجملة استئناف مبنى على سؤال نشأ من أحوالهم الموجبة للعقاب كأنه قيل : فمالهم على ذلك من العقوبة فقيل : لهم فى الدنيا خزى وكذا الحال فى قوله تعالى : ولهم فى الآخرة أى مع الخزى الدنيوى عذاب عظيم .
41 .
- لايقادر قدره وهو الخلود فى النار مع ماأعد لهم فيها وضمير لهم فى الجملتين لأولئك من المنافقين واليهود جميعا وقيل : لهم ان استأنفت بقوله سبحانه : ومن الذين هادوا وإلا فللفريقين والتكرير مع اتحاد المرجع لزيادة التقرير والتأكيد ولذلك كرر قوله سبحانه : سماعون للكذب وقيل : إن الظاهر أنه تعليل لقوله تعالى : لهم فى الدنيا خزى الخ أو توطئة لما بعدجه أو المراد بالكذب هنا الدعوى الباطلة وفيما مر مايفتريه الأحبار ويؤيده الفصل بينهما .
أكلون للسحت أى الحرام من سحته إذا استأصله وسمى الحرام سحتا عند الزجاج لأنه يعقب عذاب الاستئصال والبوار وقال الجبائى : لأنه لابركة لأهله فيهلك هلاك الاستئصال غالبا وقال الخليل : لأن فى طريق كسبه عارا فهو يسحت مروءة الانسان والمراد به هنا على المشهور الرشوة فى الحكم وروى ذلك عن ابن عباس والحسن .
وأخرج عبد بن حميد وغيره عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به قيل : يا رسول الله وماالسحت قال : الرشوة فى الحكم وأخرج عبدالرزاق عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله A : هدايا الأمراء سحت وأخرج البن المنذر عن مسروق قال : قلت لعمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه : أرأيت الرشوة فى الحكم أمن السحت هى قال : لا ولكن كفر إنما السحت أن يكون للرجل عند السلطان جاه ومنزلة ويكون للآخر إلى السلطان حاجة فلا يقضى حاجته حتى يهدى اليه هدية وأخرج عبد بن حميد عن على كرم الله تعالى وجهه أنه سئل عن السحت فقال : الرشا فقيل له فى الحكم قال : ذاك الكفر وأخرج البيهقى فى سننه عن ابن مسعود نحو ذلك وأخرج ابن مردويه والدليمى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله A : ست خصال من السحت رشوة الامام وهى أخبث ذلك كله وثمن الكلب وعسب الفحل ومهر البغى وكسب الحجام وحلوان الكاهن وعد ابن عباس رضى الله تعالى عنه فى رواية ابن منصور والبيهقى عنه أشياء أخر .
قيل : ولعظم أمر الرشوة اقتصر عليها من اقتصر وجاء من طرق عن النبى A لعن الراشى والمرتشى والرائش الذي يمشى بينهما .
ولتفاقم الأمر فى هذه الأزمان بالارتشاء صدر الأمر من حضرة مولانا ظل الله تعالى على الخليقة ومجدد نظام رسوم الشريعة والحقيقة السلطان العدلى محمود خان لازال محاطا بأمان الله تعالى حيثما كان فى السنة الرابعة والخمسين بعد الألف والمائتين بمؤاخذة المرتشى وأخويه على أتم وجه وحد للهداية حدا لئلا يتوصل بها إلى الارتشاء كما يفعله اليوم كثير من الامراء فقد أخرج ابن مردويه عن عائشة رضى الله تعالى عنها عن رسول الله A قال : ستكون من بعدى ولاة يستحلون الخمر والنبيذ والنجش بالصدقة والسحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتلون البرىء ليوطئوا العامة يملى لهم فيزدادوا إثما .
هذا وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائى ويعقوب السحت بضمتين وهما لغتان كالعنق والعنق