فان الله تعالى ناصرك عليهم أو شفقة عليهم حيث لم يوفقوا للهداية فان الله تعالى يهدى من يشاء ويضل من يشاء من الذين قالوا امنا بأفواههم بيان للمسارعين فى الكفر وقال أبو البقاء : إنه متعلق بمحذوف وقع حلا من فاعل يسارعون أو من الموصول أى كائنين من الذين الخ والباء متعلقة بقالوا لا بآمنا لظهور فساده وتعلقها به عى معنى بذى أفواهم أى يؤمنون بما يتفوهون به من غير أن تلتف به قلوبهم مما لاينبغى أن يلتفت اليه من له أدنى تمييز ولم تؤمن قلوبهم جملة حالية من ضمير قالوا وقيل : عطف على قالوا وقوله سبحانه وتعالى : ومن الذيم هادوا عطف على من الذين قالوا وبه تم تقسيم المسارعين إلى قسمين : منافقين ويهود فقوله سبحانه وتعالى سماعون للكذب خبر مبتدأ محذوف أى هم سماعون والضمير للفريقين أو للذين يسارعون وجوز أن يكون للذين هادوا واعترض بأنه مخل بعموم الوعيد الآتى ومباديه للكل كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى وكذا جعل غير واحد ومن الذين الخ خبرا على أن سماعون صفة لمبتدأ محذوف أى ومنهم قوم سماعون لأدائه إلى اختصاص ماعدد من القبائح وما يترتب عليها من الغوائل الدنيوية والآخروية بهم على أنه قد قرىء سماعين بالنصب على الذم وهو ظاهر فى أرجحية العطف فالوجه ذلك واللام للتقوية كما فى قوله تعالى : فعال لما يريد وقيل : لتضمين السماع معنى القبول أى قابلون لما يفتريه الأحبار من الكذب على الله تعالى ورسوله E وتحريف كتابه واعترضه الشهاب بأن هذا يقتضى أنه إنما فسر بالقبول ليعديه اللام .
وقد قال الزجاج : يقال : لاتسمع من فلان أى لاتقبل ومنه سمع الله لمن حمده أى تقبل منه حمده وكلام الجوهرى يخالفه أيضا ويقتضى أنه ليس مبنيا على التضمين وقال عصام الملة : إن القبول أيضا متعد بنفسه ففى القاموس : قبله كعمله وتقبله بمعنى أخذه نعم يتعدى السماع بمعنى القبول باللام بمعنى من كما فى سمع الله لمن حمده أى قبل الله تعالى ممن حمده لكن هذه اللام تدخل على المسموع منه لا المسموع .
وجوز أن تكون اللام للعلة والمفعول محذوف أى سماعون كلامك ليكذبوا عليك فيه بأن يمسخوه بالزيادة والنقصان والتبديل والتغيير أو كلام الناس الدائر فيما بينهم ليكذبوا بأن يرجفوا بقتل المؤمنين وانكسار سراياهم أو نحو ذلك مما فيه ضرر بهم وأياما كان فالجملة مستأنفة جارية على ماقيل مجرى التعليل للنهى أو مسوقة لمجرد الذم كما يقتضيه قراءة النصب وقوله تعالى شأنه : سماعون لقوم اخرين لم يأتوك خبر ثان للمبتدأ المقدر للأول ومبين لما هو المراد بالكذب على تقدير التقوية والتضمين واللام هنا مثلها فى سمع الله لمن حمده والمعنى مبالغون فى قبول كلام قوم آخرين واختاره شيخ الاسلام .
وجوز كونها لام التعليل أى سماعون كلامه صلى الله عليه وسلّم الصادر منه ليكذبوا عليه لأجل قوم آخرين والمراد أنهم E لأولئك القوم ورى ذلك عن الحسن والزجاج واختاره أبو على الجبائى وليس فى النظم ما يأباه ولا بعد فيه نعم ماقيل : من أنه يجوز أن تتعلق اللام بالكذب على أن سماعون الثانى مكرر للتأكيد بمعنى سماعون ليكذبوا لقوم آخرين بعيد و آخرين صفة لقوم وجملة لم يأتوك صفة أخرى والمعنى لم يحضروا عندك وقيل : هو كناية عن أنهم لم يقدروا أن ينظروا اليك وفيه دلالة على شدة بغضهم له وفرط عدواتهم واحتمال كونها صفة