الذى لاينكره منافق مما لايكاد يسلم على أنك قد علمت أن الإقسام E على ربه عز شأنه حيا أو ميتا مما لم يقم النص عليه لايقال : إن فى خبر البخارى دلالة على صحة الإقسام به صلى الله عليه وسلّم حيا وكذا بغيره كذلك فلقول عمر رضى الله تعالى عنه فيه : كنا نتوسل بنبيك A وأما الثانى فلقوله : إنا نتوسل بعم نبيك لما قيل : إن هذا التوسل ليس من باب الاقسام بل هو من جنس الاستشفاع وهو أن يطلب من الشخص الدعاء والشفاعة ويطلب من الله تعالى أن يقبل دعاءه وشفاعته ويؤيد ذلك أن العباس كان يدعو وهم يؤمنون لدعائه حتى سقوا وقد ذكر المجد أن لفظ التوسل بالشخص والتوجه اليه وبه إجمال واشتراك بحسب الاصطلاح فمعناه فى لغة الصحابة أن يطلب منه الدعاء والشفاعة فيكون التوسل والتوجه فى الحقيقة بدعائه وشفاعته وذلك مما لامحذور فيه وأما فى لغة كثير من الناس فمعناه أن يسأل الله تعالى بذلك ويقسم به عليه وهذا هو محل النزاع وقد علمت الكلام فيه وجعل من الإقسام الغير المشروع قول القائل اللهم أسألك بجاه فلان فإنه لم يرد عن أحد من السلف أنه دعا كذلك وقال : إنما يقسم به تعالى وبأسمائه وصفاته فيقال : أسألك بأن لك الحمد لاإله إلا أنت يالله المنان بديع السموات والأرض ياذا الجلال والاكرام ياحى ياقيوم وأسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك الحديث ونحو ذلك من الأدعية المأثورة ومايذكره بعض العامة من قوله A إذا كانت لكم إلى الله تعالى حاجة فا سألوا الله تعالى بجاهى فان جاهى عند الله تعالى عظيم لم يروه أحد من أهل العلم ولاهو شىء فى كتب الحديث ومارواه القشيرى عن معروف الكرخى قدس سره أنه قال لتلامذته : إن كانت لكم إلى الله تعالى حاجة فأقسموا عليه بى فانى الواسطة بينكم وبينه جل جلاله الآن لايوجد له سند يعول عليه عند المحدثين وأما رواه ابن ماجه عن أبى سعيد الخدرى عن النبى A فى دعاء الخارج إلى الصلاة اللهم إنى أسألك عليك وبحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا فانى لم أخرج أشرا ولابطرا ولارياء ولاسمعة ولكن خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك أن تنقذنى من النار وأن يدخلنى الجنة ففى سنده العوفى وفيه ضعيف وعلى تقدير أن يكون من كلام النبى A يقال فيه : إن حق السائلين عليه تعالى أن يجيبهم وحق الماشين فى طاعته أن يثيبهم والحق بمعنى الوعد الثابت المتحقق الوقوع فضلا لا وجوبا كما فى قوله تعالى : وكان حقا علينا نصر المؤمنين وفى الصحيح من حديث معاذ حق الله تعالى على عباده أن يعبدوه ولايشركوا به شيئا وحقهم عليه إن فعلوا ذلك أن لايعذبهم فالسؤال حينئذ بالإثابة والإجابة وهما من صفات الله تعالى الفعلية والسؤال بها مما لانزاع فيه فيكون هذا السؤال كالاستعاذة فى قوله A أعوذ برضاك من سخطك وبمعفاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك فمتى صحت الاستعاذة بمعافاته صح السؤال بإثباته وإجابته .
وعلى نحو ذلك يخرج سؤال الثلاثة لله D بأعمالهم على أن التوسل بالأعمال معناه التسبب بها لحصول المقصود ولاشك أن الأعمال الصالحة سبب لثواب الله تعالى لنا ولا كذلك ذوات الأشخاص أنفسها والناس قد أفرطوا اليوم فى الإقسام على الله تعالى فأقسموا عليه عز شأنه بمن ليس فى العير ولا النفير وليس عنده من الجاه قدر قطمير وأعظم من ذلك أنهم يطلبون من أصحاب القبور نحو إشفاء المريض وإغناء الفقير ورد الضالة وتيسير كل عسير وتوحى اليهم شياطينهم خبر إذا أعيتكم الأمور الخ وهو حديث مفترى