التى كتب الله لكم فى القضاء السابق حسب الاستعداد ولاترتدوا على أدباركم فى الميل إلى مدينة البدن والإقبال عليه بتحصيل لذاته فتنقلبوا خاسرين لتفويتكم أنوار القلب وطيباته قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وهى صفات النفس وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها بأن يصرفهم الله تعالى بلا رياضة منا ولامجاهدة أو يضعفوا عن الاستيلاء بالطبع فان يخرجوا منها فانا داخلون حينئذ قال رجلان من الذين يخافون سوء عاقبة ملازمة الجسم أنعم الله عليهما بالهداية إلى الصراط السوي وهما العقل النظرى والعقل العملى ادخلوا عليهم الباب أى باب قرية القلب وهو التوكل بتجلى الأفعال كما أن باب قرية الروح هو الرضا فاذا دخلتموه فانكم غالبون بخروجكم عن أفعالكم وحولكم ويدل على أن الباب هو التوكل قوله تعالى : وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين بالحقيقة وهو الايمان عن حضور وأقل درجاته تجلى الأفعال قالوا ياموسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا أولئك الجبارين عنا وأزيلاهم لتخلو لنا الأرض إنا ههنا قاعدون أى ملازمون مكاننا فى مقام النفس معتكفون على الهوى واللذات قال فانها محرمة عليهم أربعين سنة يتهيون فى الأرض أى أرض الطبيعة وذلك ومدة بقائهم فى مقام النفس وكان ينزل عليهم من سماء الروح نور عقد المعاش فينتفعون بضوئه واتل عليهم نبأ ابنى آدم القلب اللذين هما هابيل العقل وقابيل الوهم إذ قربا قربانا وذلك كما قال بعض العارفين : إن توأمة العقل البوذا العاقلة العملية المدبرة لأمر المعاش والمعاد بالآراء الصالحة المقتضية للأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة المستنبطة لانواع الصناعات والسياسات وتوأمة الوهم اقليميا القوة المتخلية المتصرفة فى المحسوسات والمعانى الجزئية لتحصيل الآراء الشيطانية فأمر آدم القلب بتزوج الوهم توأمة العقل لتدبره بالرياضات الإذعانية والسياسات الروحانية وتصاحبه بالقياسات العقلية البرهانية فتسخره للعقل وتزويج لعقل توأمة الوهم ليجعلها صالحة ويمنعها عن شهوات التخيلات الفاسدة وأحاديث النفس الكاذبة ويستعمل فيما ينفع فيستريح أبوها وينتفع فحسد قابيل الوهم هابيل العقل لكون توأمته أجمل عنده وأحب اليه لمناسبتها إياه فأمرا عند ذلك بالقربان فقربا قربانا فتقبل من أحدهما وهو هابيل العقل بأن نزلت نار من السماء فأكلته والمراد بها العقل الفعال النازل من سماء عالم الأرواح وأكله إفاضته النتيجة على الصورة القياسية التى هى قربان العقل وعمله الذى يتقرب به إلى الله تعالى ولم يتقبل من الآخر وهو قابيل الوهم إذ يمتنع قبول الصورة الوهمية لأنها لاتطابق مافى نفس الأمر قال لاقتلنك لمزيد حسده بزيادة قرب العقل من الله تعالى وبعده عن رتبة الوهم فى مدركاته وتصرفاته وقتله إياه إشارة إلى منعه عن فعله وقطع مدد الروح ونور الهداية الالهية الذي به الحياة عنه بايراد التشكيكات الوهمية والمعارضات فى تحصيل المطالب النظرية قال إنما يتقبل الله من المتقين الذين يتحذون الله تعالى وقاية أو يحذرون الهيئات المظلمة البدنية ولأهواء المردية والتسويلات المهلكة لئن بسطت الى يدك لتقتلنى ما أنا باسط اليك لأقتلك أى انى لاأبطل أعمالك التى هى سديدة فى مواضعها إنى أخاف رب العلمين أى لأنى أعرف الله سبحانه فأعلم أنه خلقك لشأن وأوجدك لحكمة ومن جملة ذلك أن أسباب المعاش لاتحصل إلا بالوهم ولولا الأمل بطل العمل إنى أريد أن أتبوء بإثمى وإثمك أى بإثم قتلى وإثم عملك من الآراء الباطلة فتكون من أصحاب النار وهى نار الحجاب والحرمان وذلك جزاء الظالمين الواضعين للاشياء فى غير موضعها كما وضع الأحكام الحسية موضع المعقولات فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله بمنعه عن أفعاله الخاصة