دونك فانتصرى أو يتضمن شتما فذلك أيضا يرفع إلى الحاكم ليعزره والحديث محمول على القسم الذى يجرى فيه الانتصار وقوله صلى الله عليه وسلّم : مالم يعتد المظلوم يدل عليه لأنه إذا كان حقه الرفع إلى الحاكم فاشتغل بالمعارضة عد متعديا انتهى وهو تفصيل حسن وقيل : معنى بإثمى باثم قتلى ومعنى بإثمك إثمك الذي كان قبل قتلى وروى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود رضى الله تعالى عنهما وقتادة ومجاهد والضحاك وأطلق هؤلاء الاثم الذى كان قبل وعن الجبائى والزجاج أنه الإثم الذى من أجله لم يتقبل القربان وهو عدم الرضا بحكم الله تعالى كما مر وقيل : معناه باثم قتلى وإثمك الذى هو قتل الناس جميعا حيث سننت القتل وإضافة الإثم على جميع هذه الأقوال إلى ضمير المتكلم لأنه نشأ من قبله أو هو على تقدير مضاف ولاحاجة إلى تقدير مضاف اليه كما قد قيل به أولا إلا أنه لاخفاء فى عدم حسن المقابلة بين التكلم والخطاب على هذا لأن كلا الإثمين إثم المخاطب والامر فيه سهل والجار والمجرور مع المعطوف عليه حال من فاعل تبوء أى ترجع متلبسا بالإثمين حاملا لهما ولعل مراده بالذات إنما هو عدم ملابسته للاثم لاملابسة أخيه إذ إرادة الاثم من آخر غير جائزة وقيل : المراد بالاثم مايلزمه ويترتب عليه من العقوبة ولايخفى أنه لايتضح حينئذ تفريع قوله تعالى : فتكون من أصحاب النار على تلك الارادة فان كون المخاطب من أصحاب النار إنما يترتب على رجوعه بالإثمين لاعلى ابتلاء بعقوبتهما وهو ظاهر وحمل العقوبة على نوع آخر يترتب عليه العقوبة النارية يرده كما قال شيخ الاسلام قوله سبحانه : وذلك جزاؤا الظالمين .
29 .
- فانه صريح فى أن كونه من أصحاب النار تمام العقوبة وكمالها والجملة تذييل مقرر لما قبله وهى من كلام هابيل على ماهو الظاهر وقيل : بل هى إخبار منه تعالى للرسول A فطوعت له نفسه قتل أخيه فسهلته له ووسعته من طاع له المرتع إذا اتسع وترتيب التطويع على ماقبل من مقالات هابيل مع تحققه قبل كما يفصح عنه قوله : لأقتلنك لما أن بقاء الفعل بعد تقرر مايزيله وإن كان استمرارا عليه بحسب الظاهر لكنه فى الحقيقة أمر حادث وصنع جديد أو لان هذه المرتبة من التطويع لم تكن حاصلة قبل ذلك بناءا على تررده فى قدرته على القتل لما أن أخاه كان أقوى منه وأنها حصلت بعد وقوفه على استسلامه وعدم معارضته له والتصريح بأخوته لكمال تقبيح ماسولته نفسه وقرأ الحسن فطاوعت وفيها وجهان : الأول أن فاعل بمعنى فعل كما ذكره سيبويه وغيره وهو أوفق بالقراءة المتواترة والثانى أن المفاعلة مجازية بجعل القتل يدعو النفس إلى الاقدام عليه وجعلت النفس تأباه فكل من القتل والنفس كأنه يريد من صاحبه أن يطيعه إلى أغلب القتل النفس فطاوعته و له للتأكيد والتبيين كما فى قوله تعالى : ألم نشرح لك صدرك .
والقول بأنه الاحتراز عن أن يكون طوعت لغيره أن يقتله ليس بشىء فقتله أخرج ابن جرير عن ابن مجاهد وابن جريج أن قابيل لم يدر كيف يقتل هابيل فتمثل له إبليس اللعين فى هيئة طير فأخذ طيرا فوضع رأسه بين حجرين فشدخه فعلمه القتل فقتله كذلك وهو مستسلم وأخرج عن ابن مسعود وناس من الصحابة رضى الله تعالى عنهم أن قابيل طلب أخاه ليقتله فراغ منه فى رءوس الجبال فأتاه يوما متن الايام وهو يرعى غنما له وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات فتركه بالعراء ولايعلم كيف يدفن إلى أن بعث الله تعالى الغراب وكان لهابيل لما قتل عشرون سنة واختلف فى موضع قتله فعن عمرو الشبعانى عن كعب الأخبار أنه قتل على