مفعول لفعل محذوف خوطب به سيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم بطريق تلوين الخطاب وصرفه عن أهل الكتاب ليعدد عليهم ماسلف من بعضهم من الجنايات أى واذكر لهم يا محمد وقت قول موسى عليه السلام ناصحا ومستميلا لهم باضاتهم اليه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم وتوجيه الامر بالذكر إلى الوقت أبلغ من توجيهه إلى ماوقع فيه وإن كان هو المقصود بالذات كما مرت الاشارة اليه و عليكم متعلق إما بالنعمة إن جعلت مصدر وإما بمحذوف وقع حالا منها إذا جعلت اسما أى اذكروا إنعامه عليكم بالشكر واذكروا نعمته كائنة عليكم وكذا إذا فى قوله تعالى : إذ جعل فيكم أنبياء متعلقة بما تعلق به الجار والمجرور أى اذكروا إنعامه عليكم فى وقت جعله أو اذكروا نعمته تعالى كائنة عليكم فى وقت جعله فيما بينكم من أقربائكم أنبياء وصيغة الكثرة على حقيقتها كما هو الظاهر والمراد بهم موسى وهرون ويوسف وسائر أولاد يعقوب على القول بأنهم كانوا أنبياء أو الأولون والسبعون الذين اختارهم موسى لميقات ربه فقد قال ابن السائب ومقاتل : إنهم كانوا أنبياء .
وقال الماوردى وغيره : المراد بهم الأنبياء الذين أرسلوا من بعد فى بنى إسرائيل والفعل الماضى مصروف عن حقيقته وقيل : المراد بهم من تقدم ومن تأخر ولم يبعث من أمة من الأمم مابعث من بنى إسرائيل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وجعلوكم ملوكا عطف على عطف على جعل فيكم وغير الأسلوب فيه لأنه لكثرة الملوك فيهم أو منهم صاروا كلهم كأنهم ملوك لسلوكهم مسلكهم فى السعة والترفه فلذا تجوز فى إسناد الملك إلى الجميع بخلاف النبوة فانها وإن كثرت لايسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنها أمر آلهى يخص الله تعالى به من شاء فلذا لم يتجوز فى إسنادها وقيل : لامجاز فى الإسناد وإنما هو فى لفظ الملوك فان القوم كانوا مملوكين فى أيدى القبط فأنقذهم الله تعالى فسمى ذلك إلا نقاذ ملكا وقيل : لامجاز أصلا بل جعلوا كلهم ملوكا على الحقيقة والملك من كان له بيت وخادم كما جاء عن زيد بن أسلم مرفوعا .
وأخرج ابن أبى حاتم عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وامرأة كتب ملكا .
وأخرج ابن جرير عن الحسن هل الملك إلا مركب وخادم ودار وأخرج البخارى عن عبد الله بن عمرو أنه سأله رجل فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين فقال عبد الله : ألك زوجة تأوى اليها قال : نعم قال : ألك مسكن تسكنه قال : نعم قال : فأنت من الأغنياء قال : فان لى خادما قال : فأنت من الملوك وقيل : الملك من له مسكن واسع فيه ماء جار وقيل : من له مال لايحتاج معه إلى تكلف الأعمال وتحمل المشاق واليه أبو الجبائى وأنت تعلم أن الظاهر هنا القول بالمجاز وماذكر فى معرض الاستدلال محتمل له أيضا وآتكم مالم يؤت من العالمين .
20 .
- من فلق البحر وإغراق العدو وتظليل الغمام وانفجار الحجر وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما آتاهم الله تعالى من الأمور المخصوصة والخطاب لقوم موسى عليه السلام كما هو الظاهر وأل فى العلمين للعهد والمراد عالمى زمانهم أو للاستغراق والتفضيل من وجه لايستلزم التفضيل من جميع الوجوه فانه قد يكون للمفضول ماليس للفاضل وعلى التقديرين لايلزم تفضيلهم على هذه الأمة المحمدية على نبيها أفضل الصلاة وأكمل التحية وإيتاء مالم يؤت أحد وإن لم يلزم منه التفضيل لكن المتبادر من استعماله ذلك ولذا أول بما أول وعن سعيد بن جبير وأبى مالك أن الخطاب