نعم ذكر الشهاب عليه الرحمة توجيها لابأس به وهو أن اللائق أن يكون مرادهم بكونهم أبناء الله تعالى أنه لما أرسل اليهم الابن على زعمهم وأرسل لغيرهم رسل عباده دل ذلك على امتيازهم عن سائر الخلق وأن لهم مع الله تعالى مناسبة تامة وزلفى تقتضى كرامة لاكرامة فوقها كما أن الملك أرسل لدعوة قوم أحد جنده ولآخرين ابنه علموا أنه علموا أنه مريد لتقريبهم وأنهم آمنون من كل سوء يطرق غيرهم ووجه الرد أنكم لافرق بينكم وبين غيركم عند الله تعالى فانه لو كان كما زعمتم لما عذبكم وجعل المسخ فيكم وكذا على كونه بمعنى المقربين المراد قرب خاص فيطابقه الرد ويتعانق الجوابان فافهمه انتهى والجواب عن المناقشة التى فعلها البعض يعلم مما أشرنا اليه سابقا فلا تغفل ولله ملك السموات والأرض وما بينهما من تتمة الرد أى كل ذلك له تعالى لاينتمى اليه سبحانه شىء منه إلا بالمملوكية والعبودية والمقهورية تحت ملكوته يتصرف فيه كيف يشاء إيجادا وإعداما إحياءا وإماتة إثابة وتعذيبا فأنى لهؤلاء إدعاء مازعموا ! وربما يقال : إن هذا مع ماتقدم رد لكونهم أبناء الله تعالى بمعنى أشياع بنيه فنفى أولا كونهم أشياعا وثانيا وجود بنين له عز شأنه وإليه المصير .
18 .
- أى الرجوع فى الآخرة لا إلى غيره استقلالا أو اشتراكا فيجازى كلا من المحسن والمسىء بما يستدعيه علمه من غير صارف يثنيه ولاعاطف يلويه .
ياأهل الكتاب تكرير للخطاب بطريق الالتفات ولطف فى الدعوة وقيل : الخطاب هنا لليهود خاصة قد جاءكم رسولنا يبين لكم يبين على التدريج حسبما تقتضيه المصلحة الشرائع والأحكام النافعة معادا ومعاشا المقرونة بالوعد والوعيد وحذف هذا المفعول اعتمادا على الظهور إذ من المعلوم أن مايبينه الرسول هو الشرائع والاحكام ويجوز أن ينزل الفعل منزلة اللازم أى يفعل البيان ويبذله لكم فى كل ماتحتاجون فيه من أمور الدين وأما إبقاؤه متعديا مع تقدير المفعول كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب كما قيل فقد قيل فيه : مع كونه تكريرا من غير فائدة يرده قوله سبحانه : على فترة من الرسل فان فتور الارسال وانقطاع الوحى إنما يحوج إلى بيان الشرائع والاحكام لاإلى بيان ماكتموه و على فترة متعلق بجاءكم على الظرفية كما فى قوله تعالى : واتبعوا ماتتلوا الشياطين على ملك سليمان أى جاءكم على حين فتور من الارسال وانقطاع الوحى ومزيد الاحتياج إلى البيان .
وجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من ضمير يبين أو من ضمير لكم أى يبين لكم حال من كونه على فترة أو حال كونكم على فترة و من الرسل صفة فترة و من ابتدائية فترة كائنة من الرسل مبتدأة من جهتهم والفترة فعلة من فتر عن عمله يفتر فتورا إذا سكن والاصل فيها الانقطاع عما كان عليه من الجد فى العمل وهى عند جميع المفسرين انقطاع مابين الرسولين .
واختلفوا فى مدتها بين نبينا صلى الله عليه وسلّم وعيس عليه السلام فقال قتادة : كان بينهما عليهما الصلاة والسلام خمسمائة سنة وستون سنة وقال الكلبى : خمسمائة وأربعون سنة وقال ابن جريج : خمسمائة سنة وقال الضحاك : أربعمائة سنة وبضع وثلاثون سنة وأخرج ابن عساكر عن سلمان رضى الله تعالى عنه أنها ستمائة سنة وقيل كان بين نبينا A وأخيه عيسى عليه السلام ثلاثة أنبياءهم المشار اليهم بقوله تعالى : أرسلنا اليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث وقيل بينهما عليهما الصلاة والسلام أربعة : الثلاثة المشار اليهم وواحد من