ابن عدى فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ودعاهم إلى الله تعالى وحذرهم نقمته فقالوا : ماتخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه وقالت النصارى ذلك قبلهم فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية وعن الحسن أن النصارى تأولوا مافى الإنجيل من قول المسيح : انى ذاهب الى أبى وأبيكم فقالوا ما قالوا .
وعندى أن إطلاق ابن الله على المطيع قد كان فى الزمن القديم ففى التوراة قال الله تعالى لموسى E : اذهب إلى فرعون وقل يقول لك رب إسرائيل ابنى بكرى ارسله يعبدنى فان أبيت أن ترسل ابنى بكرى قتلت ابنك بكرك وفيها أيضا فى قصة الطوفان أنه لما نظر بنو الله تعالى إلى بنات الناس وهم حسان جدا شغفوا بهن فنكحوا منهن ماأحبوا واختاروا فولدوا جبابرة فأفسدوا فقال الله تعالى : لاتحل عنايتى على هؤلاء القوم وأريد بأبناء الله تعالى أولاد هابيل وبأبناء الناس أبناء قابيل وكن حسانا جدا فصرفن قلوبهن عن عباده الله تعالى إلى عبادة الأوثان وفى المزامير أنت ابنى سلنى أعطك وفيها أيضا أنت ابنى وحبيبى وقال شعيا فى نبوته عن الله تعالى : تواصوا بى فى أبنائى وبناتى يريد ذكور عباد الله تعالى الصالحين وإناثهم وقال يوحنا الإنجيلى فى الفصل الثانى من الرسالة الأولى انظروا إلى محبة الأب لنا أن أعطانا أن ندعى أبناء وفى الفصل الثالث أيها الأحباء الآن صرنا أبناء الله تعالى فينبغى لنا أن ننزله فى الاجلال على ماهو عليه فمن صح له هذا الرجاء فليزك نفسه بترك الخطيئة والاثم واعلموا أن من لابس الخطيئة فانه لم يعرفه وقال متى : قال المسيح : أحبوا أعدائكم وباركوا على لاعنيكم وأحسنوا إلى من يبغضكم وصلوا على من طردكم كيما تكونوا بنى أبيكم المشرق شمسه على الأخيار والأشرار والممطر على الصديقين والظالمين وقال يوحنا التلميذ فى قصص الحواريين : ياأحبائى إنا أبناء الله تعالى سمانا بذلك وقال بولس الرسول فى رسالته إلى ملك الروم : إن الروح تشهد لأرواحنا أننا أبناء الله تعالى وأحباؤه إلى غير ذلك مما لايحصى كثرة وقد جاء أيضا إطلاق الابن على العاصى ولكن بمعنى الأثر ونحوه ففى الرسالة الخامسة لبولس إياكم والسفه والسب واللعب فان الزانى والنجس كعابد الوثن لانصيب له فى ملكوت الله تعالى واحذروا هذه الشرور فمن أجلها يأتى رجز الله على الأبناء الذين لايطيعونه وإياكم أن تكونوا شركاء لهم فقد كنتم قبل فى ظلمة فاسعوا الآن سعى أبناء النور ومقصود الفريقين ب نحن أبناء الله وأحباؤه هو المعنى المتضمن مدحا وحاصل دعواهم أن لهم فضلا ومزية عند الله تعالى على سائر الخلق فرد سبحانه عليهم ذلك وقال لرسول الله A : قل إلزاما لهم وتبكيتا فلم يعذبكم بذنوبكم أى إن صاح مازعمتم فلأى شىء يعذبكم يوم القيامة بالنار أياما بعدد أيام عبادتكم العجل وقد اعترفتم بذلك فى غير ماموطن وهذا ينافى دعواكم القرب ومحبة الله تعالى لكم أو محبتكم له المستلزمة لمحبته لكم كما قيل : ماجزاء من يحب إلا يحب أو فلأى شىء أذنبتم بدليل أنكم ستعذبون وأبناء الله تعالى إنما يطلق إن أطلق فى مقام الافتحار على المطيعين كما نطقت به كتبكم أو إن صح مازعمتم فلم عذبكم بالمسخ الذى لايسعكم إنكاره وعد بعضهم من العذاب البلايا والمحن كالقتل والأسر واعترض ذلك بأنه لايصلح للالزام فان البلايا والمحن قد كثرت فى الصلحاء وقد ورد أشد الناس بلاءا الانبياء عليهم السلام ثم الأمثل فالأمثل وقال الشاعر : ولكنهم أهل الحفائظ والعلا فهم لملمات الزمان خصوم