والأقطاب السبعة والأبدال الاربعين والنجباء الثلثمائة فهى ليست موجودة فى كتاب الله تعالى ولاهى مأثورة عن النبى صلى الله عليه وسلّم لا باسناد صحيح ولاضعيف محتمل إلا لفظ الأبدال فقد روى فيهم حديث شامى منقطع الاسناد عن على كرم الله تعالى وجهه مرفوعا إلى النبى A أنه قال : إن فيهم يعنى أهل الشام الأبدال أربعين رجلا كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ولاتوجد أيضا فى كلام السلف انتهى وأنا أقول : وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد وقال الله تعالى : إنى معكم بالتوفيق والإعانة لئن أقمتم للصلاة وتحليتم بالعبادات البدنية وآتيتم الزكاة وتخليم عن الصفات الذميمة من البخل والشح فزهدتم وآثرتم وآمنتم برسلى جميعهم من العقل والالهامات والافكار الصائبة والخواطر الصادقة من الروح والقلب وإمداد الملكوت وعزرتموهم أى وعظتموهم بأن سلطتموهم على شياطين الوهم وقويتموهم ومنعتموهم من الوساس وإلقاء الوهميات والخيالات والخواطر النفسانية وأقرضتم الله قرضا حسنا بأن تبرأتم من الحول والقوة والعلم والقدرة وأسندتم كل ذلك إليه عز شأنه بل ومن الأفعال والصفات جميعها بل ومن الذات بالمحو والفناء وإسلامها إلى باريها جل وعلا لأكفرن عنكم سيآتكم التى هى الحجب والموانع لكم ولأدخلنكم جنات مما عندى تجرى من تحتها الأنهار وهى أنهار علوم التوكل والرضاء والتسليم والتوحيد وتجليات الأفعال والصفات والذات فمن كفر بعد ذلك العهد وبعث النقباء منكم فقد ضل سواء السبيل وهلك مع الهالكين فبما نقضهم ميثاقهم الذى وثقوه لعناهم وطردناهم عن الحضرة وجعلنا قلوبهم قاسية باستيلاء صفات النفس عليها وميلها إلى الامور الأرضية يحرفون الكلم عن مواضعه حيث حجبوا عن أنوار الملكوت والجبروت التى هى كلمات الله تعالى واستبدلوا قوى أنفسهم بها واستعملوا وهمياتهم وخيالاتهم بدل حقائقها ونسوا حظا نصيبا وافرا مما ذكروا به فى العهد اللاحق وهو ماأتوه فى العهد السابق من الكمالات الكامنة فى استعداداتهم الموجودة فيها بالقوة ولاتزال تطلع على خائنة منهم من نقض عهد ومنع أمانة لاستيلاء شيطان النفس عليهم وقساوة قلوبهم إلا قليلا منهم وهو من جره استعداده إلى مافيه صلاحه فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين إلى عباده باللطف والمعاملة الحسنة جعلنا الله تعالى وإياكم من المحسنين .
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم شروع فى بيان قبائح النصارى وجناياتهم إثر بيان قبائح وجنايات إخوانهم اليهود ومن متعلقة بأخذنا وتقديم الجار للاهتمام ولأن ذكر إحدى الطائفتين مما يوقع فى ذهن السامع أن حال الأخرى ماذا كأنه قيل : ومن الطائفة الأخرى أيضا أخذنا ميثاقهم والضمير المجرور راجع إلى الموصول أو عائد على بنى إسرائيل الذين عادت إليهم الضمائر السلبقة وهو نظير قولك : أخذت من زيد ميثاق عمرو أى مثل ميثاقه .
وجوز أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع خبرا لمبتدا محذوف أيضا وجملة أخذنا صفة أى ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا منهم ميثاقهم وقيل : المبتدأ المحذوف من الموصولة أو الموصوفة ولايخفى أن جواز حذف الموصول وإبقاء صلته لم يذهب اليه سوى الكوفيين وإنما قال سبحانه : قالوا إنا نصارى ولم يقل جلا وعلا ومن النصارى كما هو الظاهر دون إطناب للايماء كما قال بعضهم : إلى أنهم على دين النصرانية بزعمهم