وقيل : حرفوا التوراة فسقطت بشؤم ذلك أشياء منها عن حفظهم وأخرج ابن المبارك وأحمد فى الزهد وعن مسعود قال : إنى لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعلمها وفى معنى ذلك قول الشافعى رضى الله تعالى عنه : شكوت إلى وكيع سوء حفظى فأرشدنى إلى ترك المعاصى وأخبرنى بأن العلم نور ونور الله لايهدى لعاصى ولاتزال تطلع على خائنة منهم أى خيانة كما قرىء به على أنها مصدر على وزن فاعلة كالكاذبة واللاغية أو فعلة خائنة أى ذات خيانة وإلى ذلك يشير كلام ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أو فرقة خائنة أو نفس خائنة أو شخص خائنة على أنه وصف والتاء للمبالغة لكنها فى فاعل قليلة ومنهم متعلق بمحذوف وقع صفة لها خلا أن من على الوجهين الأولين ابتدائية أى على خيانة أو فعلة ذات خيانة كائنة منهم صادرة عنهم وعلى الأوجه الأخر تبعيضية والمعنى إن الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولأسلافهم كما يعلم من وصفهم بالتحريف وما معه بحيث لايكادون يتركونها أو يكتمونها فلا تزال ترى ذلك منهم إلا قليلا منهم استثناء من الضمير المجرور فى منهم والمراد بالقليل عبد الله بن سلام وأضرابه الذين نصحوا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم وجعله بعضهم استثناء من خائنة على الوجه الثانى فالمراد بالقليل و من ابتدائية كما مر أى إلا قليلا كائنا منهم وقيل : الاسستثناء من قوله تعالى : وجعلنا قلوبهم قاسية فاعف عنهم واصفح أى إذا تابوا أو بذلوا الجزية كما روى عن الحسن وجعفر ابن مبشر واختاره الطبرى فضمير عنهم راجع إلى مارجع إليه نظائره وعن أبى مسلم أنه عائد على القليل المستثنى أى فاعف عنهم ماداموا على عهدك ولم يخونوك وعلى القوانين فالآية محكمة وقيل : الضمير عائد على مااختاره الطبرى وهى مطلقة إلا أنها نسخت بقوله تعالى : قاتلوا الذين لايؤمنون بالله الآية .
وروى ذلك عن قتادة وعن الجبائى أنها منسوخة بقوله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء إن الله يحب المحسنين .
13 .
- تعليل للامر وحث على الامتثال وتنبيه على أن العفو على الاطلاق من باب الاحسان .
هذا ومن باب الاشارة فى الآيات ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم أمر بالتطهير لمن أراد الوقوف بين الملك الكبير جل شأنه وعظم سلطانه وبدا بالوجه لأنه سبحانه وتعالى نقشه بنقش خاتم صافته وفى الفتوحات لاخلاف فى أن غسل الوجه فرض وحكمه فى الباطن المراقبة والحياء من الله تعالى مطلقا ثم اختلف الحكم فى الظاهر فى أن تحديد غسل الوجه فى الوضوء فى ثلاثة مواضع : منها البياض الذى بين العذار والاذن والثانى ماسدل من اللحية والثالث تخليل اللحية فأما البياض المذكور فمن قائل : بوجوب إمرار الماء عليه ومن قائل : بأنه لايجب وكذلك تخليل اللحية فمن قائل : بوجوبه ومن قائل : بأنه لايجب وحكم ذلك فى الباطن أما غسل الوجه مطلقا غير نظر إلى تحديد الأمر فى ذلك فان فيه ماهو فرض وفيه ماهو ليس بفرض فأما الفرض فالحياء من الله تعالى أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك وأما السنة