بوجوبهما حسبما يراد منهم مع ارتكابهم تكذيب بعض الرسل عليهم الصلاة والسلام ولمراعاة المقارنة بينه وبين قوله تعالى : وعزرتموهم وقال بعضهم : إن جملة وآمنتم برسلى إلى آخره كناية إيمائية عن المجاهدة ونصرة دين الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام والانفاق فى سبيله كأنه قيل : لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وجاهدتم فى سبيل الله يدل عليه قوله تعالى : ولاترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين فان المعنى لاترتدوا على أدباركم فى دينكم لمخالفتكم أمر ربكم وعصيانكم نبيكم E وإنما وقع الاهتمام بشأن هذه القرينة دون الأولين وأبرزت فى معرض الكناية لأن القوم كانوا يتقاعدون عن القتال ويقولون لموسى عليه السلام إذهب وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون انتهى ولايخلو عن نظر .
وقيل : إنما قدم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لأنها الظاهر من أحوالهم الدالة على إيمناهم و التعزيز أصل معناه المنع والذب وقيل : التقوية من العزر وهو والازر من واد واحد ولايخفى أن فى التقوية منعا لمن قويته عن غيره فهما متقاربان مم تجوز عن النصرة لما فيها من ذلك وعن التأديب وهو فى الشرع ماكان دون الحد لأنه رادع ومانع عن ارتكاب القبيح ولذا سمى فى الحديث نصرة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلّم انصر أخاك ظلما أو مظلوما فقال رجل : يارسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره فقال رسول الله A : تحجزه أو تمنعه عن الظلم فان ذلك نصره وقال الراغب : التعزيز النصرة مع التعظيم وبالنصرة فقط فسره الحسن ومجاهد وبالتعظيم فقط فسره ابن زيد وأبو عبيدة وقرىء عزرتموهم بالتخفيف وأقرضتم الله أى بالاتفاق فى سبيل الخير وقيل : بالصدق بالصدقات المندوبة وأياما كان فهو استعارة لأنه سبحانه لما وعد بجزائه والثواب عليه شبه بالقرض الذى يقضى بمثله وفى كلام العرب قديما الصالحات قروض قرضا حسنا وهو ما كان عن طيب نفس على ماقال الأخفش وقيل مالايتبعه من ولا أذى وقيل : ماكان من حلال .
وذكر غير واحد أن قرضا يحتمل المصدر والمفعول به لاكفرن عنكم سيئاتكم دال على جواب الشرط المحذوف وساد مسده معنى وليس هو الجواب له خلافا لأبى البقاء بل هو جواب القسم فقد تقرر أنه إذا اجتمع شرط وقسم أجيب السابق منهما إلا أن يتقدمه ذو خبر وجوز أن يكون هذا جوابا لما تضمنه قوله تعالى : ولقد أخذنا ميثاق اسرائيل من القسم وقيل : إن جوابه لئن اقمتم فلا تكون اللام موطئة أو تكون ذات وجهين وهو غريب وجملة القسم المشروط وجوابه مفسرة لذلك الميثاق المتقدم .
ولأدخلنكم جنات تحرى من تحتها الأنهار عطف على ماقبله داخل معه فى حكمه متأخر عنه فى الحصول ضرورة تقدم التخلية على التحلية فمن كفر أى برسلى أو بشىء مما عدد فى حيز الشرط والفاء للترتيب بيان حكم من كفر على بيان حكم من آمن تقوية للترغيب بالترهيب بعد ذلك الشرط المؤكد المعلق به الوعد العظيم أعنى لأكفرن وقيل : بعد الشرط المؤكد المعلق بالوعد العظيم أعنى أنى معكم بناءا على حمل المعية على المعية بالنصرة والاعانة أو التوفيق للخير فأن الشرط معلق به من حيث المعنى نحو أنا معتن بشأنك إن خدمتنى رفعت محلك وقيل : المراد بعد ماشرطت هذا الوعد وأنعمت هذا الانعام