على من أراد العبادة ينغى أن يبادر اليها بحيث لاينفك الفعل عن الارادة وقيل : يجوز أن يكون المراد إذا قصدتم الصلاة فعبر عن أحد لازمى الشىء بلازمه الآخر وظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة وإن لم يكن محدثا نظرا إلى عموم الذين آمنوا من غير اختصاص بالمحدثين وإن لم يكن فى الكلام دلالة على تكرار الفعل وإنما ذلك خارج عن الصحيح لكن الاجماع على خلاف ذلك وقد أخرج مسلم وغيره أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى الخمس بوضوء واحد يوم الفتح فقال عمر رضى الله تعالى عنه : صنعت شيئا لم تكن تصنعه فقال E : عمدا فعلته ياعمر يعنى بينا للجواز فاستحسن الجمهور كون الآية مقيدة والمعنى إذا قمتم إلى الصلاة محدثين بقرينة دلالة الحال ولأنه اشترط الحدث فى البدل وهو التيمم فلو لم يكن له مدخل فى الوضوء مع المدخلية فى التيمم لم يكن البدل بدلا وقوله تعالى : فلم تجدوا ماءا صريح فى البدلية وبعض المتأخرين ان فى الكلام شرطا أى إذا قمتم للصلاة فاغسلوا الخ إن كنتم محدثين لأنه يلائمه كل الملائمة عطف وإن كنتم جنبا فاطهروا عليه وقيل : الأمر للندب ويعلم الوجوب للمحدث من السنة واستبعد لاجماعهم على أن وجوب الوضوء مستفاد من هذه الآية مع الاحتياج إلى التخصيص بغير المحدثين من غير دليل وأبعد منه أنه ندب بالنسبة إلى البعض ووجوب بالنسبة إلى آخرين وقيل : هو للوجوب وكان الوضوء واجبا على كل قائم أول الأمر ثم نسخ فقد أخرج أحمد وأبو داود وابن جبير وابن خزيمة وابن حيان والحاكم والبيهقى والحاكم عن عبد الله بن حنظلة الغسيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أم غير طاهرآ فلما شق ذلك عليه A أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث ولايعارض ذلك خبر أن المائدة آخر القرآن نزولا الخ لأنه ليس فى القوة مثله حتى قال العراقى : لم أجده مرفوعا نعم الاستدلال على الوجوب على كل الأمة أولا ثم نسخ الوجوب على كل الأمة أولا ثم نسخ الوجوب عنهم آخرا مما يدل على الوجوب عليه E أولا ونسخه عنه آخرا لايخلوا عن شىء كما لايخفى .
وأخرج مالك والشافعى وغيرهما عن زيد بن أسلم أن تفسير الآية إذا قمتم من المضاجع يعنى النوم إلى الصلاة والأمر عليه ظاهر ويحكى عن داود : أنه أوجب الوضوء لكل صلاة لأن النبى A والخلفاء من بعده كانوا يتوضؤن كذلك وكان على كرم الله تعالى وجهه يتوضأ كذلك ويقرأ هذه الآية وفيه أن حديث عمر رضى الله تعالى عنه يأبى استمرار النبى E على ماذكر والخبر عن على كرم الله تعالى وجهه لم يثبت وفعل الخلفاء لايدل على أكثر من الندب والاستحباب وقد ورد من توضأ على طهر كتب الله تعالى عشر حسنات فأغسلوا وجوهكم أى أسيلوا عليها الماء وحد الاسالة أن يتقاطر الماء ولو قطرة عندهما وعند أبى يوسف C تعالى لايشترط التقاطر وأما الدلك فليس من حقيقة الغسل خلافا لمالك فلا يتوقف حقيقته عليه قيل : ومرجعهم فيه قول العرب : غسل المطر الأرض وليس فى إلا الاسالة ومنع بأن وقعه من علو خصوصا مع الشدة والتكرر دلك أى دلك وهم لايقولونه إلا إذا نظفت الأرض وهو إنما يكون بدلك وبأنه غير مناسب للمعنى المعقول من شرعية الغسل وهو تحسين هيئة الأعضاء الظاهرة للقيام بين يدى الرب سبحانه وتعالى الذى لايتم بالنسبة إلى سائرالتوضئين