وروى عن على كرم الله تعالى وجهه أنه قال : من أراد أن يتفاءل بكتاب الله تعالى فليقرا قل الله أحد سبع مرات وليقل ثلاث مرات : اللهم بكتابك تفاءلت وعليك توكلت اللهم أرنى فى كتابك ماهو المكتوم من سرك المكنون فى غيبك ثم يتفاءل بأول الصحيفة ففى النفس منه شىء .
وفى كتاب الاحكام للجصاص أن الآية تدل على بطلان القرعة فى عتق العبيد لأنها فى معنى ذلك بعينه إذا كان فيها إثبات ماأخرجه القرعة من غير استحقاق كما إذا أعتق أحد عبيده عند موته على مابين فى الفقه ولايرد أن القرعة قد جازت فى قسمة الغنائم مثلا وفى إخراج النساء لأنا نقول : إنها فيما ذكر لتطييب النفوس والبراءة من التهمة فى إيثار البعض ولو اصطلحوا على ذلك جاز من غير قرعة وأما الحرية الواقعة على واحد من العبيد فيما نحن فيه فغير جائز نقالها عنه إلى غيره وفى استعمال القرعة النقل وخالف الشافعى فى ذلك فجوز القرعة فى العتق كما جوزها فى غيره وظواهر الأدلة معه وتحقيق ذلك فى موضعه .
واحق عندى أن الاستقسام الذى كان يفعله أهل الجاهلية حرام بلا شبهة كما هو نص الكتاب وأن حرمته ناشئة من سوء الاعتقاد وأنه لايخلو عنة تشاؤم وليس بتفاؤل محض وإن مثل ذلك ليس من الدخول فى علم الغيب أصلا بل هو من باب الدخول فى الظن وأن الاستخارة بالقرآن مما لم يرد فيها شىء يعول عليه عن الصدر الأول وتركها أحب إلى لاسيما وقد أغنى الله تعالى وسوله صلى الله عليه وسلّم عنها بما سن من الاستخارة الثابتة فى غير ما خبر صحيح وان تصديق المنجمين فيما ليس من جنس الخسوف والكسوف مما يخبرون به من الحوادث المستقبلة محظور وليس من علم الغيب ولا دخولا فيه وإن زعمه الزجاج لبنائه على الأسباب ونقل الشيخ محى الدين النووى فى شرح مسلم عن القاضى كانت الكهانة فى العرب ثلاثة أضرب : أحدها أن يكون للإنسان رئى من الجن يخبره به يسترقه من السمع من السماء وهذا بطل من حين بعث الله تعالى نبينا A الثانى أن يخبره بما يطرأ ويكون فى أقطار الأرض وما خفى عنه قرب أو بعد وهذا لايبعد وجوده ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما ولااستحالة فى ذلك ولابعد فى وجوده لكنهم يصدقون ويكذبون والنهى عن تصديقهم والسماع منهم عام الثالث المنجمون وهذا الضرب بخلق الله تعالى فى بعض الناس قوة ما لكن الكذب فيه أغلب ومن هذا الفن العرافة فصاحبها عراف وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعى معرفتها بها كالزجر والطرق بالحصى وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة وقد أكذبهم الشرع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم انتهى .
ولعل النهى عن ذلك لغلبة الكذب فى كلامهم ولأن فى تصديقهم فتح باب يوصل إلى لظى إذ قد يجر إلى تعطيل الشريعة والطعن فيها لاسيما من العوام واستثناء ماهو من جنس الكسوف والخسوف لندرة خطئهم فيه بل لعدمه إذا أمكنوا الحساب ولا كذلك مايخبرون به من الحوادث إذ قد بنوا ذلك على أوضاع السيارات بعضها مع بعض أو مع بعض الثوابت ولاشك أن ذلك لايكفى فى الغرض والوقوف على جميع الأوضاع وما تقتضيه مما يتعذر الوقوف عليه لغير علام الغيوب فليفهم وقيل : المراد بالاستقسام استقسام الجزور بالأقداح على الانصباء المعلومة أى طلب قسم من الجزور أو ماقسمه الله تعالى له منه وهذا هو الميسر وقد تقدم بيانه وروى ذلك على بن إبراهيم عن الائمة الصادقين رضى الله تعالى عنهم ورجح بانه يناسب ذكره مع محرمات الطعام وروى عن مجاهد أنه فسر الأزلام بسهام العرب وكعاب فارس التى يتقامرون بها