تذييلا للكلام فيدخل فى البر والتقوى جميع مناسك الحج فقد قال تعالى : فانها من تقوى القلوب ويدخل العفو والإغضاء أيضا دخولا أوليا وعلى العموم أيضا حمل قوله تعالى : ولاتعاونوا على الأثم والعدوان فيعم النهى كل ماهو من مقولة الظلم والمعاصى ويندرج فيه النهى عن التعاون على الاعتداء والانتقام .
وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وأبى العالية أنهما فسرا الاثم بترك ماأمرهم به وارتكاب مانهاهم عنه والعدوان بمجاوزة ماحده سبحانه لعباده فى دينهم وفرضه عليهم فى أنفسهم وقدمت التحلية على التخلية مسارعة إلى إيجاب ماهو المقصود بالذات وقوله تعالى : وأتقوا الله أمر بالاتقاء فى جميع الأمور التى من جملتها مخالفة ماذكر من الأوامر والنواهى ويثبت وجوب الاتقاء فيها بالطريق البرهانى .
إن الله شديد العقاب لمن لايتقيه وهذا فى موضع التعليل لما قبله وإظهار الاسم الجليل لما مر غير مرة حرمت عليكم الميتة شروع فى بيان المحرمات التى أشير اليها فى بقوله سبحانه : إلا مايتلى عليكم والمراد تحريم أكل الميتة وهى مافارقه الروح حتف أنفه من غير سبب خارج عنه والدم أى المسفوح منه وكان أهل الجاهلية يجعلونه فى المباعر ويشوونه ويأكلونه وأما الدم غير المسفوح كالكبد فمباح وأما الطحال فالأكثرون على إباحته وأجمعت الإمامية على حرمته ورويت الكراهية فيه عن على كرم الله وجهه وابن مسعود رضى الله تعالى عنه ولحم الخنزير إقحام اللحم لما مر وأخذ داود وأصحابه بظاهره فحرموا اللحم وأباحوا غيره وظاهر العطف أنه حرام حرمة غيره وأخرج عبد الرزاق فى المصنف عن قتادة أنه قال من أكل لحم الخنزير عرضت عليه التوبة فان تاب وإلا قتل وهو غريب ولعل ذلك لأن أكله صار اليوم من علامات الكفر كلبس الزنار وفيه تأمل وأهل لغير الله به أىرفع الصوت لغير الله تعالى عند ذبحه والمراد بالاهلال هنا ذكر مايذبح له كاللات والعزى والمنخنقة قال السدى : هى التى يدخل رأسها بين شعبتين من شجرة فتختنق فتموت وقال الضحاك وقتادة هى التى تختنق بحبل الصائد فتموت .
وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : كان أهل الجاهلية يخنقون البهيمة ويأكلونها فحرم ذلك على المؤمنين والأولى أن تحمل على التى ماتت بالخنق مطلقا والموقوذة أى التى تضرب حتى تموت قاله ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقتادة والسدى وهو من وقذته بمعنى ضربته وأصله أن تضربه حتى يسترخى ومنه وقذه النعاس أى غلب عليه والمتردية أى التى تقع من مكان عال أو فى بئر فتموت والنطيحة أى التى ينطخها غيرها فتموت وتاؤها للنقل فلايرد أن فعيل بمعنى مفعول لايدخله التاء وقال بعض الكوفيين : إن ذلك حيث ذكر الموصوف مثل كف خضيب وعين كحبل وأما إذا حذف فيجوز دخول التاء فيه ولاحاجة إلى القول بأنها للنقل وقرىء والمنطوحة وماأكل السبع أى ماأكل منه السبع فمات وفسر بذلك لأن ماأكله كله لايتعلق به حكم ولايصح أن يستثنى منه قوله تعالى : إلا ماذكيتم أى إلا ماأدركتموه وفيه بقية حياة يضطرب اضطراب المذبوح وذكيتموه وعن السيدين السندين الياقر والصادق رضى الله تعالى عنهما أن أدنى مايدرك به الذكاة أن يدركه وهو يحرك الأذن أو الذنب أو الجفن وبه قال الحسن وقتادة