إلا تعاونوا على البر والتقوى و اعدلوا هو أقرب للتقوى لكفى وتعقب بما لايخلو عن نظر .
وزعم بعضهم أن فيه نزع الخف قبل الوصول إلى الماء وما استظهره الزمخشرى خال عن ذلك والأمر فيه هين وفى القول بالعموم رغب الراغب كما هو الظاهر فقد قال : العقود باعتبار المعقود والعاقد ثلاثة أضرب عقد بين الله تعالى وبين العبد وعقد بين العبد ونفسه وعقد بينه وبين غيره من البشر وكل واحد باعتبار الموجب له ضربان : ضرب أوجبه العقل وهو ماركز الله تعالى معفرته فى الانسان فيتوصل اليه إما ببديهة العقل وإما بأدنى نظر دل عليه قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بنى آدم الآية وضرب أوجبه الشرع وهو مادلنا عليه كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلّم فذلك ستة أضرب وكل واحد من ذلك إما أن يلزم ابتداء أو مايرزم بالتزام الانسان إياه والثانى أربعة أضرب : فالأول واجب الوفاء كالنذور المتعلقة بالقرب نحو أن يقول : على أن أصوم إن عافانى الله تعالى والثانى مستحب الوفاء به ويجوز تركه كمن حلف على ترك فعل مباح فان له أن يكفر عن يمينه ويفعل ذلك والثالث يستحب ترك الوفاء به وهو ماقال A إذا حلف أحدكم على شىء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذى هو خير منه وليكفر عن يمينه والرابع واجب ترك الوفاء به نحو أن يقول : على أن أقتل فلانا المسلم فيحصل من ضرب ستة فى أربعة أربعة وعشرون ضربا وظاهر الآية يقتضى كل عقد سوى ماكان تركه قربة أو واجبا فافهم ولاتغفل أحلت لكم بهيمة الأنعام شروع فى تفصيل الاحكام التى أمر بأيفئها وبدأ سبحانه بذلك لانه مما يتعلق بضروريات المعاش و البهيمة من ذوات الارواح مالاعفل له مطلقا وإلى ذلك ذهب الزجاج وسمى بهيمة لعدم تمييزة وإبهام الامر عليه .
ونقل الامام الشعرانى عن شيخه على الخواص قدس سره أن سبب تسمية البهائم بهائم ليس إلا لكون أمر كلامها وأحوالها أبهم على غالب الخلق لاأن الامر أبهم عليها وذكر مايدل على عقلهاا وعلمها وسيأتى تخقيق ذلك إن شاء الله تعالى .
وقال غير واحد : البهيمة اسم لكل ذى أربع من دواب البر والبحر وإضافتها إلى الانعام للبيان كثوب خز أى أحل لكم أكل البهيمة من الأنعام وهى الأزواج الثمانية المذكورة فى سورتها واعترض بأن البهيمة اسم جنس والأنعم نوع منه فإضافتها اليه كإضافة حيوان إنسان وهى مستقبحة وأجيب بأن إضافة العام إلى الخاص إذا صدرت من بليغ وقصد بذكره فائدة فحسنة كمدينة بغداد فان لفظ بغداد لما كان غير عربى لم يعهد معناه أضيف اليه مدينة لبيان مسماه وتوضيحه وكشجر الأراك فانه لما كان الأراك يطلق على قضبانه أضيف لبيان المراد وهكذا وإلا فلغو زائد مستهجن وهنا لما كان الأنعام قد يختص بالإبل إذ هو أصل معناه على ماقيل ولذا لا يقال : النعم إلا لها أضيف اليه بهيمة إشارة إلى ماقصد به وذكر البهيمة وإفرادها لارادة الجنس وجمع الأنعام ليشمل أنواعها ألحق بها الظباء وبقر الوحش وقيل : هما المراد بالبهيمة ونحوهما مما يماثل الأنعام فى الاجترار وعدم الأنياب وروى ذلك عن الكلبى والفراء وإضافتها إلى الأنعام حينئذ لملابسة المشابهة بينهما وجوز يبعض المحققين فى إضافة المشبه لللمشبه به كونها بمعنى اللام على جعل ملابسة المشبه به اختصاصا بينهما أو بمعنى من البيانية على جعل المشبه نفس به وفائدة هذه الإضافة هنا الاشعار بعلة الحكم المشتركة بين المتضافين كأنه قيل : أحلت لكم البهيمة المشبهة بالأنعام التى بين إحلالها فيما سبق لكم المماثلة لها فى مناط الحكم وقيل : المراد بهيمة الأنعام مايخرج من بطونها من الأجنة بعد ذكاتها