ومما يدل على عبوديته عليه السلام منكتب النصارى أن قولس قال فى رسالته الثانية : انظروا إلى هذا الرسول رئيس أحبارنا يسوع المؤتمن من عند خلقه مثل موسى عليه السلام فى جميع أحواله غير أنه أفضل من موسى عليه السلام وقال مرقس فى إنجيله : قال يسوع : إن نفسى حزينة حتى الموت ثم خر على وجهه يصلى لله تعالى وقال : أيها الأب كل شىء بقدرتك أحر عنى هذا الكأس لكن كما تريد لاكما أريد ثم خر على وجهه يصلى لله تعالى ووجه الدلالة فى ذلك ظاهر إذ هو سائل والله تعالى مسئول وهو مصلى والله تعالى مصلى له واى عبودية تزيد عى ذلك ونصوص الاناجيل ناطقة بعبوديته عليه السلام فى غير ماموضع ولله تعالى در أبى الفضل حيث يقول فيه : هو عبد مقرب ونبى ورسول قدخصه مولاه طهر الله ذاته وحباه ثم أتاه وحيه وهداه وبكن خلقه بدا كلمة الله إلى مريم البتول براه هكذا شأن ربه خالق الخلق بكن خلقهم فنعم الاله والأناجيل شاهدت وعنه إنما الله ربه لاسواه كان لله خاشعا مستكينا راغبا راهبا يرجى رضاه ليس يحيا وليس يخلق إلا أن دعاه وقد أجاب دعاه انما فاعل الجميع هو الله ولكن على يديه قضاه ويكفى فى إثبات عبوديته عليه السلام ماأشار الله تعالى اليه بقوله : ماالمسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام وفى التعبير بالمسيح مايشعر بالعبودية أيضا ولا الملائكة المقربون عطف على المسيح كما هو الظاهر أى لايستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيدا لله تعالى وقيل : أنه عطف على الضمير المستتر فى يكون أو عبدا لأنه صفة وليس بشىء وتقدير متعلق الفعل لازم على ماذهب اليه الأكثرون وقيل : أريد بالملائكة كل واحد منهم فلاحاجة إلى التقدير وزعم بعضهم أنه من عطف الجمل والتزم تقدير الفعل وهو كما ترى واحتج بالآية القاضى أبو بكر والحليمى والمعتزلة على أن الملائكة أفضل من الانبياء عليهم الصلاة والسلام لأن الذى يقتضيه السياق وقواعد المعانى وكلام العرب الترقى من الفاضل إلى الأفضل فيكون المعنى لايستنكف ولا من فوقه كما يقال : لن يستنكف من هذا الأمر الوزير ولا السلطان دون العكس وأجيب بأن سوق الآية وإن كان ردا على النصارى لكنه أدمج فيه الرد على عبدة الملائكة المشاركين لهم فى رفع بعض المخلوقين عن مرتبة العبودية إلى درجة المعبودية وادعاء انتسابهم إلى الله تعالى بما هو من شواءب الألوهية وخص المقربون لأنهم كانوا يعبدونهم دون غيرهم ورد هذا الجواب بأن هذا لاينفى فوقية الثانى كما هو مقتضى علم المعانى قيل : ولاورود لأنه يعلم من التقرير دفعه لأن المقصود بالذات أمر المسيح فلذا قدم ولو سلم أنه لاينفى الفوقية فهو لايثبتها كما إذا قلت : مافعل هذا زيد ولاعمرو وهو يكفى لدفع حجة الخصم وأما كون السباق والسياق يخالفه فليس بشىء لأن المجيب قال : انه إدماج واستطراد وأجيب أيضا على تقدير تسليم اختصاص الرد بالنصارى بأن الملائكة المقربون صيغة جمع تتناول مجموع الملائكة فهذا العطف يقتضى كون مجموع الملائكة أفضل من المسيح ولايلزم أن يكون