فان الظهور فى المظاهر للواسع ىالقدوس يجامع التنزيه بخلاف الحلول نعم وقع فى كلامهم التعبير بالحلول ومرادهم به الظهور ومن ذلك قوله : ياقبلتى قابلينى بالسجود فقد رأيت شخصا لشخص فى قد سجدا لاهوته حل ناسوتى فقدسنى إنى عجبت لمثلى كيف ماعبدا وكان الأولى بحسب الظاهر عدم التعبير بمثل ذلك ولكن للقوم أحوال ومقامات لاتصل اليها أفهامنا ولعل عذرهم واضح عند المنصفين إذا علمت ذلك وتحققت اختلاف النصارى فى عقائدهم فاعلم أنه سبحانه إنما حكى فى بعض الآيات قول بعض منهم وفى بعض آخر قول آخرين وحكاية دعواهم ألوهية مريم عليها السلام كدعواهم ألوهيه عيسى عليه السلام مما نطق بها القرآن ولم يشع ذلك عنهم صريحا لكن يلزمهم ذلك بناءا على ماحققه الامام الرازى C تعالى والنصارى اليوم ينكرونه والله تعالى أصدق القائلين ويمكن أن يقال : إن مدعى ألوهيتها عليها السلام صريحا طائفة منهم هلكت قديما كالطائفة اليهودية التى تقول عزير ابن الله تعالى على ما قيل ثم انه سبحانه بالغ فى زجر القائلين فأردف سبحانه النهى بقوله عز من قائل : انتهوا عن القول بالتثليث خيرا لكم قد مر الكلام فى أوجه انتصابه إنما الله إله واحد أى بالذات منزه عن التعدد بوجه من الوجوه سبحانه أن يكون له ولد أى أسبحه تسبيحا عن أو من أن يكون له ولد أو سبحوه عن أو من ذلك لأن الولد يشابه الأب ويكون مثله والله تعالى منزه عن التشبيه والمثل وأيضا الولد إنما يطلب ليكون قائما مقام أبيه إذا عدم ولذا كان التناسل والله تعالى باق لايتطرق ساحته العلية قناء فلا يحتاج إلى ولد ولاحكمة تقتضيه وقد علمت ماأوقع النصارى فى اعتقادهم أن عيسى عليه السلام ابن الله تعالى .
ومن الاتفاقات الغريبة مانقله مولانا راغب باشا C تعالى ملخصا من تعريفات أبى البقاء قال : قال الإمام العلامة محمد بن سعيد الشهير بالبوصيرى نور الله تعالى ضريحه : إن بعض النصارى انتصر لدينه وانتزع من البسملة الشريفة دليلا على تقوية اعتقاده فى المسيح عليه السلام وصحة يقينه به فقلب حروفها ونكر معروفها وفرق مألوفها وقدم فيها وأخر وفكر وقدر فقتل كيف قدر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال : قد انتظم من البسملة ابن الله المحرر فقلت له : حيث رضيت البسملة بيننا وبينك حكما وحزت منها أحكاما وحكما فلتنصرن البسملة منا الأخيار على الأشرار ولتفضلن أصحاب الجنة على أصحاب النار إذ قد قالت لك البسملة بلسان حالها : إنما الله رب المسيح راحم النحر لامم لها المسيح ورب مابرح الله راحم المسلمين سل ابن مريم أحل له الحرام لا المسيح ابن الله المحرر لامرحم للئام أبناء السحرة رحم حر مسلم أناب إلى الله لله نبى مسلم حرم الراح ربح رأس مال كلمة الإيمان فان قلت : إنه عليه السلام رسول صدقتك وقالت : إيل أرسل الرحمة بلحم وإيل من أسماء الله تعالى بلسان كتبهم وترجمة بلحم بيت لحم وهو المكان الذى ولد فيه عيسى عليه السلام إلى غير ذلك مما يدل على إبطال مذهب النصارى ثم انظر إلى البسملة قد تخبر أن من وراء حلها خيولا وليوثا ومن دون طلها سيولا وغيوثا ولاتحسبنى استحسنت كلمتك الباردة فنسجت على منوالها وقابلت الواحدة بعشر أمثالها بل أتيتك بما يغنيك فيبهتك ويسمعك مايصمك عن الإجابة فيصمتك فتعلم أن هذه البسملة مستقر لسائر العلوم والفنون ومستودع لجوهر سرها المكنون ألا ترى أن البسملة