كنتم تحلون الاله مقامه فيما تراه نفوسكم من شركها من غير أن يحتاج فى تخليصه كل الخلائق أن تبوء بضرها ويشينه الاعدا بما لايرتضى من كيدها وبما دهى من مكرها هذى أمانتهم وهئذا شرحها الله أكبر من معانى كفرها ثم اعلم أنه لاحجة للنصارى القائلين بالتثليث بما روى عن متى التلميذ أنه قال : إن المسيح عند ماودعهم قال : اذهبوا وعمدوا الأمم باسم الرب وروح القدس ومن هنا جعلوا متتح الانجيل ذلك كما أن مفتتح القرآن بسم الله الرحمن الرحيم ويوهم كلام بعض منا أن هذه التسمية نزلت من السماء كالبسملة عندنا لأنا نقول على تقدير صحة الرواية ودونها خرط القتاد : يحتمل أن يراد بالأب المبدأ فان القدماء كانوا يسمون المبادى بالآباء ومن الابن الرسول وسمى بذلك تشريفا وإكرما كما سمى ابراهيم عليه السلام خليلا أو باعتبار أنهم يسمون الآثار أبناء وقد رووا عن المسيح عليه السلام أنه قال : إنى ذاهب الى أبى وأبيكم وقال : لاتعطوا صدقاتكم قدام الناس لتراءوهم فانه لايكون لكم أجر عند أبيكم الذي فى السماء .
وربما يقال : إن الابن بمعنى الحبيب أو نحوه ويشير إلى ذلك مارووه أنه عليه السلام قال عقيب وصية وصى بها الحواريين : لكى تكونوا أبناء أبيكم الذي فى السماء وتكونوا تامين كتا أن أباكم الذى فى السماء تام ويراد بروح القدس جبريل عليه السلام والمعنى عمدوا ببركة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم والملك المؤيد للأنبياء عليهم الصلاة والسلام على تبليغ أوامر ربهم وفى كشف الغين عن الفرق بين البسملتين للشيخ عبد الغنى النابلسى قدس سره أن بسملة النصارى مشيرة إلى ثلاث حضرات للامر الآلهى الواحد الأحد : الغيب المطلق فالاب إشارة إلى الروح الذي هو اول مخلوق لله تعالى كما فى الخبر وهو المسمى بالعقل والقلم والحقيقة المحمدية ويضاف إلى الله تعالى فيقال : روح الله تعالى للتشريف والتعظيم ك ناقة الله تعالى وروح القدس إشارة اليه أيضا باعتبار ظهوره بصورة البشر السوى النافخ فى درع مريم عليها السلام والابن اشارة إلى عيسى عليه السلام وهو ابن لذلك الروح باعتبار أن تكونه بسبب نفخه والأب هو الابن والابن هو روح القدس فى الحقيقة والغيب المطلق منزه مقدس عن الثلاثة فانه سبحانه من حيث هو لاشىء معه ولايمكن أن يكون معه شىء فبسملة الانجيل من مقام الصفات الالهية والأسماء الربانية لامن مقام الذات الأقدسية .
ثم لايتوهمن متوهم أن كلمات سادتنا الصوفية قدس الله أسرارهم تدندن حول كلمات النصارى كما يزعمه من لااطلاع له على تحقيق كلامهم ولاذوق له فى مشربهم وذلك لأن القوم نفعنا الله تعالى بهم مبرءون عما نسبه المحجوبون اليهم من اعتقاد التجسيم والعينية والاتحاد والحلول أما إنهم لم يقولوا بالتجسيم فلما تقرر عندهم من أن الحق سبحانه هو الوجود المحض الموجود بذاته القائم بذاته المتعين بذاته وكل جسم فهو صورة فى الوجود المنبسط على الحقائق المعبر عنه بالعماء متعينة بمقتضى استعداد ماهية المعدومة ولاشىء من الوجود المجرد من الماهية المتعين بذاته بالصورة المتعينة فى الوجدود المنبسط بمقتضى الماهية المعدومة فلاشىء من الجسم بالوجود المجرد عن الماهية المتعين بذاته وتنعكس إلى لاشىء من الوجود المجرد عن الماهية المتعين بذاته وهو المطلوب وأما إنهم لم يقولوا بالعينية فلأن الحق تعالى هو ماعلمت من الوجود المحض الخ والمخلوق هو الصورة الظاهرة فى الوجود المنبسط على الحقائق المتعين بحسب ماهيته المعدومة ولاشىء من المجرد عن الماهية المتعين بذاته بالمقترن بالماهية المتعين