وحياتها بغيرها وكذلك العلم إذ العلم مختص بالجوهر من حيث هو معلوم به وهذا بخلاف القدرة والارادة فانهما لااختصاص لهما بالذات القديمة بل يتعلقان بالغير مما هو مقدور ومراد والذات القديمة غير مقدورة ولامرادة وأيضافان الحياة تجزىء عن القدرة والارادة من حيث أن الحى لايخلوا عنهما بخلاف العلم فانه قد يخلوا عنه ولأنه يمتنع اجزاء الحياة عن العلم لاختصاص الحياة بامتناع جريان المبالغة والتفضيل بخلاف العلم قلنا : أما قولهم : إن الوجود والحياة مختصة بذات القديم ولاتعلق لهما بغيره فمسلم ولكن يلزم عليه أن لايكون العلم أقنوما لتعلقه بغير ذات القديم إذ هو معلوم به فلئن قالوا : العلم إنما كان أقنوما من حيث كان متعلقا بذات القديم لامن حيث كان متعلقابغبره فيلزمهم أن يكون البصر أقنوما لتعلقه بذات القديم من حيث أنه يرى نفسه ولم يقولوا به ويلزمهم من ذلك أن يكون بقاء ذات الله تعالى أقنوما لاختصاص البقاء بنفسه وعدم تعلقه بغيره كما فى الوجود والحياة فلئن قالوا : البقاء هو نفس الوجود فيلزم أن يكون الموجود فى زمان حدوثه باقيا وهو محال .
وقولهم : بأن الارادة تجزىء عن القدرة والارادة إما أن يريدوا أن القدرة والارادة نفس الحياة أو أنهما خارجتان عنها لازمتان لها لاتفارقانها فان كان الاول فقد نقضوا مذهبهم حيث قالوا : إن الحياة أقنوم لاختصاصها بجوه القديم والقدرة والارادة غير مختصين بذات القديم تعالى وذلك مشعر بالمغايرة ولااتحاد معها وإن قالوا : إنها لازمة لها مع المغايرة فهو ممنوع فانه كما يجوز خلو الحى عن العلم فكذلك قد يجوز خلوه عن القدرة والارادة كما فى حالة النوم والاغماء مثلا وقولهم : إنه يمتنع اجزاء الحياة عن العلم لاختصاص العلم بالمبالغة والتفضيل فيلزم منه أن لاتكون مجزئة عن القدرة أيضا لاختصاصها بهذا النوع من المبالغة والتفضيل وأما قولهم : بأن الكلمة حلت فى المسيح وتدرعت به فهو باطل من وجهين .
الأول أنه قد تحقق امتناع حلول صفة القديم فى غيره الثانى أنه ليس القول بحلول الكلمة أولى من القول بحلول الروح وهى الحياة ولئن قالوا إنما استدللنا على حلول العلم فيه لاختصاصه بعلوم لايشاركه فيها غيره قلنا : أولا لانسلم ذلك فقد روى النصارى أنه عليه السلام سئل عن القيامة فلم يجب وقال لايعرفها إلا الله تعالى وحده وثانيا سلمنا لكنه قد اختص عندكم بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وبأمور لايقدر عليها غيره من المخلوقين بزعمكم والقدرة عندكم فى حكم الحياة إما بمعنى أنها عينها أو ملازمة لها فوجب أن يقال : بحلول الحياة فيه ولم تقولوا به .
وأما قول الملكانية بالتثليث فى الآلهة وأن كل أقنوم إله فلايخلوا إما أن يقولوا : إن كل واحد متصف بصفات الإله تعالى من الوجود والحياة والعلم والقدرة وغير ذلك من الصفات أو ألا يقولوا به فان قالوا به فهو خلاف أصلهم وهو مع ذلك ممتنع لقيام الادلة على امتناع إلهين وأيضا فانهم إما أن يقولوا : بأن جوهر القديم أيضا إله وألا يقولوا فان كان الأول فقد أبطلوا مذهبهم فانهم مجمعون على الثالوث وبقولهم هذا يلزم التربيع وإن كان الثانى لم يجدوا إلى الفرق سبيلا مع أن جوهر القديم أصل والاقانيم صفات تابعة فكان أولى أن يكون إلها وإن قالوا بالثانى فحاصله يرجع إالى منازعة لفظية والمرجع فيها إلى ورود الشرع بجواز إطلاق ذلك وأما قولهم : بأن الكلمة امتزجت بجسد المسيح فيبطله امتناع حلول صفات القديم بغير ذات الله تعالى ودعواهم الاتحاد ممتنعة من جهة الدلالة والالزام أما الاول فانهما عند الاتحاد إما أن يقال : ببقائهما