الحال وهو بعيد وإن تكفروا فان لله مافى السموات والأرض من الموجودت كانت داخلة فى حقيقتهما وبذلك يعلم حال أنفسهما على أبلغ وجه وآ كده أو خارجه عنهما مستقرة فيهما من العقلاء وغيرهم ويدخل فى ذلك المخاطبون دخولا أوليا أى كل ذلك له تعالى خلقا وملكا وتصرفا ولايخرج من ملكوته وقهره ذرة فما دونها والجملة دليل الجواب أقيم مقامه لأن مضمونها مقرر قبل كفرهم فلا يصلح للجواب والتقدير وإن تكفروا فهو سبحانه قادر على تعذيبكم بكفرهم لأن له جل شأنه مافى السموات والأرض أو فهو غنى عنكم لايتضرر بكفركم كما لاينفع بايمانكم وقال بعضهم : التقدير وإن تكفروا فقد كابرتم عقولكم فان الله سبحانه ماله مما يدل على ماينافى حالكم واعتقادكم فكيف يتأتى الكفر به ذلك وقيل : التقدير وإن تكفروا فلن عبيدا غيركم لايكفرون بل يعبدونه وينقادون لأمره ولايخلو عن بعد .
وكان الله عليما بأحوال كل ويدخل فى ذلك كفرهم دخولا أوليا حكيما .
170 .
- فى جميع أقواله وتدبيراته ويدخل فى ذلك كذلك تعذيب من كفر يا أهل الكتاب تجريد للخطاب وتخصيص له بالنصارى زجرا لهم عماهم عليه من الضلال البعيد وإلى ذلك ذهب أبو على الجبائى وأبو مسلم وجماعة من المفسرين وعن الحسن أنه خطاب لهم ولليهود لأن الغلو أى مجاوزة الحد والافراط المنهى عنه فى قوله تعالى : لاتغلوا فى دينكم وقع منهم جميعا أما النصارى فقال بعضهم : عيسى عليهم السلام ابن الله D وبعضهم أنه الله سبحانه وآخرون ثالث ثلاثة وأما اليهود فقالوا : إنه عليه السلام ولد لغير رشده ورجح ما عليه الجماعة بأن قول اليهود قد نعى فيما سبق وبأنه أوفق بما بعد ولاتقولوا على الله إلا الحق أى لاتذكروا ولاتعتقدوا إلا القول الحق دون القول المتضمن لدعوى الاتحاد والحلول واتخاذ الصاحبة والولد والاستثناء مفرغ وهو متصل عند الأكثرين .
وادعى بعض أن المراد من الحق هنا تنزيه تعالى عن الصاحبة والولد والأشبه بالاستثناء الانقطاع لأن التنزيه لايكون مقولا عليه بل له وفيه لأن معنى قال عليه افترى وهو مخالف لما عليه الاكثر فى الاستثناء المفرغ فافهم إنما المسيح بالتخفيف وقد مر معناه وقرىء المسيح بكسر الميم وتشديد السين كالسيت وهو مبتدأ وقوله تعالى : عيسى بدل منه أو عطف بيان له كما قال أبو البقاء وغيرة وقوله تعالى : ابن مريم صفة له مفيدة بطلان مازعموه فيه من بنوته عليه السلام له D وقوله سبحانه : رسول الله خبر المبتدأ والجملة مستأنفة مسوقة لتعليل النهى عن القول الباطل المستلزم للامر بضده أى أنه عليه السلام مقصور على رتبة الرسالة لايتخطاها إلى ماتقولون وكلمته عطف على رسول الله ومعنى كونه كلمة أنه حصل بكلمة كن من غير مادة معتادة وإلى ذلك ذهب الحسن وقتادة .
وقال الغزالى قدس سره : لكل مولود سبب قريب وبعيد فالأول المنى والثانى قول كن ولما دل الدليل على عدم القريب فى حق عيسى عليه السلام أضافة إلى البعيد وهو قول كن إشارة إلى انتفاء القريب وأوضحه بقوله سبحانه : ألقاها الى مريم أى أوصلها اليها وحصلها فيها فجعله كالمنى الذي يلقى فى الرحم فهو استعارة وقيل : معناه أنه يهتدى به كما يهتدى بكلام الله تعالى وروى ذلك عن أبى الجبائى وقيل : معناه بشارة الله تعالى