على أن فعلل بمعنى تفعلل كما جاء صلصل بمعنى تصلصل أى متذبذين ويؤيده مافى مصحف ابن مسعود متذبذبين .
وقرىء بالدال غير المعجمة وهو مأخوذ من الدبة بضم الدال وتشديد الباء بمعنى الطريقة والمذهب كما فى النهاية ويقال : هو على دبتى أى طريقتى وسمتى وفى حديث ابن عباس اتبعوا دبة قريش ولاتفارقوا الجماعة والمعنى حينئذ أنهم أخذ بهم تارة طريقا وأخرى أخرى لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أى لامنسوبين إلى المؤمنين حقيقة لإضمارهم الكفر ولاإلى الكافرين لإظهارهم الإيمان أو لاصائرين إلى الأولين ولاإلى الآخرين ومحله النصب على أنه حال من ضمير مذبذين أو على أنه بدل منه ويحتمل أن يكون بيانا وتفسيرا له ومن يضلل الله لعدم استعداده للهداية والتوفيق فلن تجد له سبيلا .
143 .
- موصلا إلى الحق والصواب فضلا عن أن تهديه اليه والخطاب لكل من يصلح له وهو أبلغ فى التفظيع .
ياأيها الذين امنوا لاتتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين نهى المؤمنين الصادقين عن موالاة الكفار اليهود فقط كما قيل أو مايعمهم وغيرهم كما هو الظاهر بعد بيان حال المنافقين أى لاتتخذوهم أولياء فان ذلك ديدن المنافقين ودينهم فلاتتشبهوا بهم وقيل : المراد بالذين آمنوا المنافقون وبالمؤمنين المخلصون فالآية نهى للمنافقين عن موالاة الكافرين دون المخلصين وقيل : المراد بالموصول المخلصون وبالكافرين المنافقون فكأنه قيل : قد بينت لكم أخلاق هؤلاء المنافقين فلا تتخذوا منهم أولياء وإلى ذلك ذهب القفال وفى كلا القولين بعد أتريدون ان تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا .
144 .
- أى حجة ظاهرة فى العذاب وفيه دلالة على أن الله تعالى لايعذب أحدا بمقتضى حكمته إلا بعد قيام الحجة عليه ويشعر بذلك كثير الآيات وقيل : أتريدون بذلك أن تجعلوا له تعالى حجة على أنكم موافقون فان موالاة الكافرين أوضح أدلة النفاق .
ومن الناس من أبقى السلطان على معناه المعروف لكن أخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال : كل سلطان فى القرآن فهو حجة وهو مما يجوز فيه التذكير والتأنيث إجماعا فتذكيره باعتبار البرهان أو بأعتبار معناه المعروف والتأنيث باعتبار الحجة أكثر عند الفصحاء على ماقاله الفراء إلا أنه لم يعتبرها هنا واعتبر التذكير لتحسن الفاصلة وادعى ابن عطية أن التذكير أشهر وهى لغة القرآن حيث وقع و عليكم يجوز تعلقه بالجعل وبمحذوف وقع حالا من سلطانا وتوجيه الانكار الى الإرادة دون متعلقها بأن يقال : أتجعلون الخ للمبالغة فى إنكاره وتهويل أمره ببيان أنه ممالايصدر عن العاقل إرادته فضلا عن صدور نفسه إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار أى فى الطبقة السفلى منها وهو قعرها ولها طبقات سبع تسمى الأولى كما قيل : جهنم والثانية لظى والثالثة الحطمة والرابعة السعير والخامسة سقر والسادسة الجحيم والسابعة الهاوية وقد تسمى النار جميعا باسم الطبقة الأولى وبعض الطبقات باسم بعض لأن لفظ النار بجمعها وتسمية تلك الطبقات دركات لكونها متداركة متتابعة بعضها تحت بعض و الدرك كالدرج إلا أنه يقال باعتبار الهبوط والدرج باعتبار الصعود وفى كون المنافق فى الدرك الأسفل إشارة الى شدة عذابه .
وقد أخرج ابن أبى الدنيا عن الأحوص عن ابن مسعود أن المنافق يجعل فى تابوت من حديد يصمد عليه ثم يجعل فى الدرك الأسفل وإنما كان أشد عذابا من غيره من الكفار لكونه ضم إلى الكفر المشترك استهزاءا بالاسلام