وقال شيخ الاسلام خواهر زاده : الرضا بكفر الغير إنما يكون كفرا إذا كان يستجيز الكفر أو يستحسنه أما لم يكن كذلك ولكن أحب الموت أو القتل على الكفر أو القتل على الكفر لمن كان مؤذيا حتى ينتقم الله تعالى منه فهذا لايكون كفرا ومن تأمل قوله تعالى : ربنا اطمس الآية يظهر له صحة هذه الدعوى وهو المنقول عن الماتريدى وقول بعضهم : إن من جاءه كافر ليسلم فقال : اصبر حتى أتوضأ أو أخره يكفر لرضاه بكفره فى زمان موافق لما روى عن الامام لكن يدل على خلافه ماروى فى الحديث الصحيح فى فتح مكة أن أبى سرح أتى به عثمان رضى الله تعالى عنه الى النبى صلى الله عليه و سلم وسلم فقال : يارسول الله بايعه فكف صلى الله تعالى عليه وسلم يده ونظر اليه ثلاث مرات وهو معروف فى السير وهو يدل بظاهره على أن التوقف مطلقا ليس كما قالوه كفرا .
واستدل بعضهم بالآية على تحريم مجالسة الفساق والمبتدعين من أى جنس كانوا واليه ذهب ابن مسعود وابراهيم وأبو وائل وبه قال عمر بن عبد العزيز وروى عنه هشام بن عروة أنه ضرب رجلا صائما كان قاعدا مع قوم يشربون الخمر فقيل له فى ذلك : فتلا الآية وهى أصل لما يفعله المصنفون من الاحالة على ماذكر فى مكان آخر والتنبيه عليه والاعتماد على المعنى ون هنا قيل : إن مدار الاعراض عن الخائضين فيما يرضى الله تعالى هو العلم بخوضهم ولذلك عبر عن ذلك تارة بالرؤية وأخرى بالسماع وأن المراد بالاعراض إظهار المخالفة بالقيام عن مجالستهم لا إلا عراض بالقلب أو بالوجه فقط وعن الجبائى ان المحذور مجالستهم من غير اظهار كراهة لما يسمعه أو يراه وعلى هذا الذي ذهب إليه بعض المحققين يحتمل أن يراد بالمنافقين والكافرين فى جملة التعليل ماأريد بضمير معهم وصرح بهذا العنوان لما أشرنا اليه قبل ويحتمل أن يراد بالجنس ويدخل أولئك فيه دخولا أولياء والخطاب فى قوله تعالى : الذين يتربصون بكم للمؤمنين الصادقين بلا خوف والموصول إما بدل من الذين يتخذون أو صفة للمنافقين فقط إذ هم المتربصون دون الكافرين .
وجوز أبو البقاء وغيره كونه صفة لهما أو مرفوع أو منصوب على الذم وجعله مبتدأ خبره الجملة شرطية لايخلو من تكلف والتربص الانتظار والظاهر من كلام البعض أن مفعوله مقدر والجار والمجرور متعلق به أى ينتظرون وقوع أمر بكم وكلام الراغب يقتضى أنه يتعدى بالباء لأنه من انتظر بالسلعة غلاء السعر والفاء فى قوله تعالى : فان كان لكم فتح من الله لترتيب مضمونه على ماقبلها فان حكاية تربصهم مستتبعة لحكاية مايقع بعد ذلك أى فان اتفق لكم فتح وظفر على الأعداء قالوا أى لكم ألم نكن معكم نجاهد عدوكم فاعطونا نصيبا من الغنيمة وإن الكافرين نصيب أى حظ من الحرب فانها اسجال قالوا أى المنافقون للكفار ألم نستحوذ عليكم أى ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم أو ألم نغلبكم بالتفضل ونطلعكم على أسرار محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه ونكتب اليكم بأخبارهم حتى غلبتم عليهم ونمنعكم من المؤمنين أى ندفع عنكم صولة المؤمنين بتخذيلنا إياهم وتثبيطنا لهم وتوانينا فى مظاهرتهم والقائنا عليهم ماضعفت به قلوبهم عن قتالكم فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم وهاتوا نصيبنا مما أصبتم : وقيل : المعنى ألم نغلبكم على رأيكم بالموالاة لكم ونمنعكم من الدخول فى جملة المؤمنين وهو خلاف الظاهر وأصل الاستحواذ الاستيلاء وكان القياس فيه استحاذ يستحيذا استحاذة بالقلب لكن صحت فيه الواو وكثر ذلك فيه وفى نظائر له حتى ألحق بالمقيس