لأنهما فى حكم شىء واحد وقوله تعالى : إنكم إذا مثلهم تعليل للنهى غير داخل تحت التنزيل و إذا ملغاة لأن شرط عملها النصب فى الفعل أن تكون فى صدر الكلام فلذا لم يجىء بعدها فعل و مثل خبر عن ضمير الجمع وصح مع إفراده لأنه الأصل مصدر فيستوى فيه الواحد المذكر وغيره وقيل : لأنه كالمصدر فى الوقوع على القليل والكثير أولأنه مضاف لجمع فيعم وقد يطابق ماقبله كقوله تعالى : ثم لايكونوا أمثالكم والجمهور على رفعه وقرىء شاذا بالنصب فقيل : إنه منصوب على الظرفية لأن معنى قولك : زيد مثل عمرو فى أنه حال فى مثله وقيل : إنه إذا أضيف الى مبنى اكتسب البناء ولايختص ذلك بما المصدرية كما توهم بل يكون فيها مثل مثل ماأنكم تنطقون وفى غيرها كقوله : فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم اذهم قريش وإذ ما مثلهم بشر وابن مالك يشترط لاكتساب البناء أن لايقبل المضاف للتثنية واجمع كدون وغير وبين ولم يصحح ذلك فى مثل وأعربه حالا من الضمير المستتر فى حق فى قوله تعالى : انه لحق مثل ما أنكم تنطقون وقوله تعالى إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا تعليل لكونهم مثلهم فى الكفر ببيان ما يستلزمه من شركتهم لهم فى العذاب والمراد من المنافقين إما المخاطبون وأقيم المظهر مقام المضمر تسجيلا لنفاقهم وتعليلا للحكم بمأخذ الاشتقاق وإما للجنس وهم داخلون دخولا أوليا وتقديمهم لتشديد الوعيد على المخاطبين وانتصابه على الحال طرز مامر واستشكل كون الخطاب للمنافقين بأنهم مثل للكافرين فى الكفر من غير سببية القعود معهم فلا وجه لترتيب الجزاء على الشرط والعدول عن كون المماثلة فى الكفر إلى المماثلة فى المجاهرة به لايحسن معه كون جملة إن الله الخ تعليلا لكونهم مثلهم بتلك المماثلة بالطريق الذي ذكر وأيضا الذين نهوا عن مجالسة الكافرين والمستهزئين بمكة هم المؤنون المخلصون لاالمنافقون لأن نجم النفاق إنما ظهر بالمدينة فكيف يذكر المنافقون فيها بنهى نزل فى مكة قبل أن يكونوا .
وأجيب عن هذا بأنه إن سلم أن المنزل على النبى صلى الله عليه و سلم وان خوطب به خاصة منزل على الأمة مخلصهم زمنافقهم إلى قيام الساعة صح دخول المنافقين وإن لم يكونوا وقت النزول وإن لم يسلم ذلك فان ادعى الاقتصار على النبى صلى الله عليه و سلم لم يدخل المؤمنون المخلصون أيضا وإن ادعى دخولهم فقط دون المنافقين الذين هم منؤنون ظاهرا فلا دليل عليه كيف جميع الأحكام متعلقة بالمؤمنين كيف كانوا ولسنا مكافين بأن نشق على قلوب العباد بل لنا الظاهر والله تعالى يتولى السرائر على أنه قد قام الدليل على أن الأحكام الشرعية التى كانت صدر الاسلام ولم تنسخ مخاطب بها من نطق بالكلمة الطيبة وبلغته قبل يوم الساعة فقد قال الله تعالى : لأنذركم به ومن بلغ ولهذه الدغدغة قال بعض المحققين : إن المقصود من الخطاب هنا المؤمنون الصادقون والمراد بمن يكفر ويستهزىء أعم من المنافقين والكافرين وضمير معهم للمفهوم من الفعلين ويؤيد ذلك مانقل عن الواحدى أنه قال : كان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن فنهى الله تعالى عن مجالستهم والمراد من المماثلة فى الإثم لأنهم قادرون على الاعراض والانكار لاعاجزون كما فى مكة أو فى الكفر على معنى إن رضيتم بذلك وهو مبنى على أن الرضا بكفر الغير كفر من غير تفصيل وهى رواية عن أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه عثر عليها صاحب الذخيرة