الأعمال البدنية إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا أى حجبوا عن الحق من قوى الوهم والتخيل وحاصله الترخيص لأرباب السلوك عند خوف فتنة القوى أن ينقصوا من الأعمال البدنية ويزيدوا فى الأعمال القلبية كالفكر والذكر ليصفوا القلب ويشرق نوره على القوى فتقل غائلتها فتزكو عند ذلك الأعمال البدنية ولايجوز عند أهل الاختصاص ترك الفرائض لذلك كما زعمه بعض الجهلة وإذا كنتم فيه ولم تكن غائبا عنهم بسيرك فى غيب الغيب وجلال المشاهدة وعائما فى بحار لى مع الله تعالى لايسعنى فيه ملك مقرب ولانبى مرسل فأقمت لهم الصلاة أى الأعمال البدنية فلتقم طائفة منهم معك وليفعلوا كما تفعل وليأخذوا أسلحتهم من قوى الروح ويجمعوا حواسهم ليتأتى لهم المشابهة أو ليقفوا على ما فى فعلك من الاسرار فلا تضلهم الوسائس فاذا سجدوا وبلغوا الغاية فى معرفه ماأقمته لهم وأتوا به على وجهه فليكونوا من ورائكم ذا بين عنكم اعتراض الجاهلين أو قائمين بحوائجكم الضرورية ولتأت طائفة أخرى منهم لم يصلوا بعد فليصلوا معك وليفعلوا فعلك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم كما أخذ الأولون أسلحتهم وإنما أمر هؤلاء بأخذ الحذر أيضا حثا على مزيد الاحتياط لئلا يقصروا فيها يراد منهم اتكالا على الأخذ بعد ممن أخذ أولا من رسول الله صلى الله عليه و سلم .
وحاصل هذا الاشارة إلى أن تعليم الشرائع والآداب للمريدين ينبغى أن يكون لطائفة طائفة منهم ليتمكن ذلك لديهم أتم تمكن وقيل : اطائفة الأولى إشارة إلى الخواص والثانية إلى العوام ولهذا اكتفى فى الأول بالأمر بأخذ الأسلحة وفى الثانى أمر الحذر أيضا ود الذين كفروا وهم قوى النفس الأمارة لو تغفلون عن أسلحتكم وهى قوى الروح وأمتعتكم وهى المعارف الالهية فيميلون عليكم ميلة واحدة ويرمونكم بنبال الآفات والشكوك ويهلكونكم ولاجناح عليكم إن كان بكم أذى بأن أصابكم شؤبوب من مطر يعنى مطر سحائب التجليات أو كنتم مرضى بحمى الوجد والغرام وعجزتم عن أعمال اقوى الروحانية أن تضعوا أسلحتكم وتتركوا أعمال تلك القوى حتى يتجلى ذلك السحاب وينقطع المطر وتهتز أرض قلوبكم بأزهار رحمة الله تعالى وتطفأ حمى الوجد بمياه القرب وخذوا خذركم عند وضع أسلحتكم واحفظوا قلوبكم من الالتفات إلى غير الله تعالى إن الله تعالى أعد للكافرين من القوى النفسانية عذابا مهينا أى مذلا لهم وذلك عند حفظ القلب وتنور الروح فاذا قضيتم الصلاة أى أديتموها فاذكروا الله فى جميع الاحوال قياما فى مقام الروح بالمشاهدة وقعودا فى محل القلب بالمكاشفة وعلى جنوبكم أى تقلباتكم فى مكان النفس بالمجاهدة فاذا اطمأننتم ووصلتم إلى محل البقاء فأقيموا الصلاة فأدوها على الوجه الأتم لسلامة القلب حينئذ عن الوساوس النفسانية التى هى بمنزلة الحدث عتد أهلالاختصاص إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فلاتسقط عنهم مادام العقل والحياة ولاتهنوا فى ابتغاء القوم الذين يحاربونكم وهم النفس وقواها فانهم يألمون منكم لمنعكم لهم عن شهواتهم كما تألمون منهم لمعارضتهم لكم عن المسير إلى الله تعالى وترجون من الله أى تأملون منه سبحانه مالايرجون لانكم ترجعون التنعم بجنة القرب والمشاهدة ولايخطر ذلك لهم بال أو تخافون القطيعة وهم لايخافونها وكان الله عليما أحوالكم وأحوالهم حكيما فيفيض على القوابل حسب القابليات إنا أنزلنا عليك الكتاب أى علم تفاصيل الصفات وأحكام تجلياتها بالحق متلبسا ذلك الكتاب بالصدق أوقأ آ أنت بالحق لابنفسك لتحكم بين الناس خواصهم وعوانهم بما أراك الله أى بما علمك الله سبحانه