فى الرمل لانهما يتوافقان على طريقة وإما من الخلة بفتح الخاء بمعنى الخصلة والخلق لأنهما يتوافقان فى الخصال والاخلاق وقد جاء المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل أو بمعنى الفقر والحاجة لأن كلا منهما محتاج إلى وصال الآخر غير مستغن وإطلاقه على إبراهيم عليه السلام قيل : لأن محبة الله تعالى قد تخللت نفسه وخالطتها مخالطة تامة أو لتخلقه بأخلاق الله تعالى ومن هنا كان يكرم الضيف ويحسن اليه ولو كان كافرا فان من صفات الله تعالى الاحسان إلى البر والفاجر وفى بعض الآثار ولست على يقين فى صحته أنه عليه السلام نزل به ضيف من غير أهل ملته فقال له : وحد الله تعالى حتى أضيفك وأحسن اليك فقال : يا إبراهيم من أجل لقمة أترك دينى ودين أبائى فانصرف عنه فأوحى الله تعالى اليه يا إبراهيم صدقك لى سبعون سنة أرزقه وهو يشرك بى وتريد أنت منه أن يترك دينه ودين آبائه لأجل لقمة فلحقه إبراهيم عليه السلام وسأله الرجوع اليه ليقريه واعتذر اليه فقال له المشرك : يا إبراهيم مابدا لك فقال : إن ربى عتبنى فيك وقال : أنا أرقه منذ سبعين سنة على كفره بى وأنت تريد أن يترك دينه ودين آبائه لأجل لقمة فقال المشرك : أو قد وقع هذا ! مثل هذا ينبغى أن يعبد فأسلم ورجع مع إبراهيم عليه السلام الى منزله ثم عمت بعد كرامته خلق الله تعالى من كل وارد ورد عليه فقيل له ذلك فقال : تعلمت الكرم من ربي رأيته لايضيع أعداءه فلا أضيعهم أنا فأوحى الله تعالى اليه أنت خليلى حقا وأخرج البيهقى فى الشعب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا جبريل لم اتخذ الله تعالى إبراهيم خليلا قال : لاطعامه الطعام يا محمد وقيل واختاره البلخى والفراء لاظهاره الفقر والحاجة إلى الله تعالى وانقطاعه اليه وعدم الالتفات إلى من سواه كمايدل على ذلك قوله لجبريل عليه السلام حين قال له يوم ألقى فى النار : ألك حاجة أما اليك فلا ثم قال : حسبى الله ونعم الوكيل وقيل : فى وجه تسميته عليه السلام خليل الله غير ذلك والمشهور أن الخليل دون الحبيب .
وأيد بما أخرجه الترمذى وابن مردويه عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : جلس ناس من أصحاب النبى صلى الله عليه و سلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : إن الله تعالى اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله وقال آخر : ماذا بأعجب من أن كلم الله تعالى موسى تكليما وقال آخر فعيسى روح الله تعالى وكلمته وقال آخر : آدم اصطفاه الله تعالى فخرج عليهم فسلم فقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم إن ابراهيم خليل الله تعالى وهو كذلك وموسى كليمه وعيسى روحه وكلمته وآدم اصطفاه الله تعالى وهو كذلك ألا وإنى حبيب الله تعالى ولافخر وأنا أول شافع ومشفع ولافخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله تعالى فيدخلها معى فقراء المؤمنين ولافخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولافحر وأخرج الترمذى فى نوادر الأصول والبيهقى فى الشعب وضعفه وابن عساكر والديلمى فقال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اتخذ الله تعالى إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذتى حبيبا ثم قال وعزتى لأوثرن حبيبى على خليلى ونجى والظاهر من كلام المحققين أن الخلة مرتبة من مراتب المحبة أوسع دائرة وأن مراتبها ما لاتبلغه أمنية الخليل عليه السلام وهى المرتبة الثابتة له صلى الله عليه و سلم وأنه قد حصل لنبينا E من مقام الخلة مالم يحصل لأبيه إبراهيم عليه السلام وفى الفرع مافى الاصل وزيادة ويرشدك إلى ذلك أن التخلق بأخلاق اللهتعالى هو من آثار الخلة عند أهل الاختصاص أظهر وأتم فى نبينا صلى الله عليه و سلم منه فى إبراهيم عليه السلام فقد صح أن خلقه القرآن وجاء عنه