الموصول موضع الضمير في الاحتمالين الأخيرين للإيذان بأنه ينبغى أن يكون القصد بالرد استكشاف المعنى واستيضاح الفحوى والاستنباط في الأصل استخراج الشىء من مأخذه كالماء من البئر والجوهر من المعدن ويقال للمستخرج : نبط بالتحريك ثم تجوز به فأطلق على كل أخذ وتلق ولولا فضل الله عليكم ورحمته خطاب للطائفة المذكورة آنفا بناءا على أنهم ضعفة المؤمنين على طريقة الالتفات والمراد من الفضل والرحمة شىء واحد أى لولا فضله سبحانه عليكم ورحمته بإرشادكم الى سبيل الرشاد هو الرد الى الرسول صلى الله عليه و سلم والى أولى الأمر لأتبعتم الشيطان وعملتم بآرائكم الضعيفة أو أخذتم بآراء المنافقين فيما تأتون وتذرون ولم تهتوا الى صوب الصواب الا قليلا وهم أولوا الأمر المستنيرة عقولهم بأنوار الايمان الراسخ الواقفون على الأسرار الراسخون فى معرفة الاحكام بواسطة الاقتباس من مشكاة النبوة فالاستثناء منقطع أو الخطاب للناس أى ولو لا فضل الله تعالى بالنبى صلى الله عليه و سلم ورحمته بإنزال القرآن كما فسرهما السدى والضحاك وهو اختيار الجبائى ولايبعد العكس لاتبعتم كلكم الشيطان وبقيتم على الكفر والضلالة الا قليلا منكم قد تفضل عليه بعقل راجح فاهتدى به الى الطريق الحق وسلم من مهاوى الضلالة وعصم من متابعة الشيطان من غير إرسال الرسول E وإنزل الكتاب كقس بن ساعدة الأيادى وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وأضرابهم فالاستثناء متصل والى ذلك ذهب الأنبارى .
وقال أبو مسلم : المراد بفضل الله ورحمته النصرة والمعونة مرة بعد أخرى والمعنى لولا حصول النصرة والظفر لكم على سبيل التتابع لاتبعتم الشيطان فيما يلقى اليكم من الوساوس والخواطر المؤدية الى الجبن والفشل والركون الى الضلال وترك الدين إلاقليلا وهم من أهل البصائر النافذة والعزائم المتمكنة والنيات الخالصة من أفاضل المؤمنين الذين يعلمون أنه ليس شرط كون الدين حقا حصول الدولة في الدنيا أو باطلا حصول الانكسار والانهزام بل مدار الأمر فى كونه حقا وباطلا على الدليل ولايرد أنه يلزم من جعل الاستثناء من الجملة التى وليها جواز أن ينتقل الانسان من الكفر الى الايمان ومن اتباع الشيطان الى ععصيانه وخزيه وليس لله تعالى عليه في ذلك فضل ومعاذ الله تعالى أن يعتقد هذا مسلم موحد سنيا كان أو معتزليا وذلك لأن لولا حرف امتناع لوجود وقد أنبأت أن امتناع اتباع المؤمنين للشيطان فى الكفر وغيره إنما كان بفضل الله تعالى عليهم فالفضل هو السبب المانع من اتباع الشيطان فاذا حعل الاستثناء مماذكر فقد سلبت تأثير فضل الله تعالى فى امتناع الاتباع عن البعض المستثنى ضرورة وجعلهم مستبدين بالايمان وعصيان الشيطان الداعى الى الكفر بأنفسهم لابفضل الله تعالى ألا تراك اذا قلت لمن تذكره بحقك عليه : لولا مساعدتى لك لسلبت أموالك إلا قليلا كيف تجعل لمساعدتك أثرا في بقاء القليل للمخاطب وانما مننت عليه فى تأثير مساعدتك في أكثر من ماله لا فى كله لأنا نقول هذا إذا عم اتلفضل لا إذا خص كما أشرنا اليه لأن عدم الاتباع إذا لم يكن بهذا الفضل المخصوص لاينافى أن يكون بفضل آخر نعم ظاهر عبارة الكشاف فى هذا المقام مشكل حيث جعل الاستثناء من الجملة الاخيرة وزاد التوفيق فى البيان ويمكن أن يقال أيضا : أراد به توفيقا خاصا نشأ مما قبله وهذا أولى من الاطلاق ودفع الاشكال بان عدم الفضل والرحمة على الجميع لايلزم منه العدم على