ليلا والعزم عليه ومنه تبييت نية الصيام ويقال : هذا أمر تبييت بليل وإما من بيت الشعر لأن الشاعر يدبره ويسويه وإما من البيت المبنى لأنه يسوى ويدبر وفى هذا بعد وإن أثبته الراغب لغة والمراد زورت وسوت غير الذي تقول أى خلاف ماقلت لها أو ماقالت لك من القبول وضمان الطاعة والعدول عن الماضى لقصد الاستمرار واسناد الفعل الى طائفة منهم لبيان أنهم المتصدون له بالذات والباقون أتباع لهم في ذلك لا لأنهم ثابتون على الطاعة وتذكيره أولا لأن تأنيث الفاعل غير حقيقي وقرأ أبو عمرو وحمزة بيت طائفة بالادغام لقربهما في المخرج وذكر بعض المحققين أن الادغام هنا على خلاف الأصل والقياس ولم تدغم تاء متحركة غير هذه والله يكتب مايبيتون أى يثبته فى صحائفهم ليجازيهم عليه أو فيما يوحيه اليك فيطلعك على أسرارهم ويفضحهم كما قال الزجاج والقصد على الاول لتهديدهم وعلى الثانى لتحذيرهم فأعرض عنهم أى تجاف عنهم ولاتتصد للانتقام منهم أو قلل المبالاة بهم والفاء لسببية ماقبلها لما بعدها وتوكل على الله أى فوض أمرك اليه وثق به في جميع أمورك لاسيما في شأنهم واظهار الاسم الجليل للاشعار بعلة الحكم وكفى بالله وكيلا .
81 .
- قائما بما فوض اليه من التدبير فيكفيك مضرتهم وينتقم لك منهم والاظهار لما سبق وللإيذان باستقلال الجملة واستغنائها عما عداها من كل وجه أفلا يتدبرون القرآن لعله جواب سؤال نشأ من جعل الله تعالى شهيدا كأنه قيل : شهادة الله تعالى لاشبهة فيها ولكن من أين يعلم أن ماذكرته شهادة الله تعالى محكية عنه فأجاب سبحانه بقوله : أفلا يتدبرون وأصل التدبر التأمل في أدبار الأمور وعواقبها ثم استعمل في كل تأمل سواء كان نظرا في حقيقة الشىء وأجزائه أو سوابقه وأسبابه أو لواحقه و أعقابه والفاء للعطف على مقدو أى أيشكون في أن ماذكر شهادة الله تعالى فلا يتدبرون القرآن الذي جاء به هذا النبي صلى الله عليه و سلم المشهود له ليعلموا كونه من عند الله فيكون حجة وأى حجة على المقصود وقيل : المعنى أيعرضون عن القرآن فلا يتأملون فيه ليعلموا كونه من عند الله تعالى بمشاهدة مافيه من الشواهد التى من جملتها هذا الوحي الصادق والنص الناطق بنفاقهم المحكى على ماهو عليه ولو كان أى القرآن .
من عند غير الله كما يزعمون لو وجدوا فيه اختلافا كثيرا .
82 .
- بأن يكون بعض اخباراته الغيبية كالإخبار عما يسره المنافقون غير مطابق للواقع لأن الغيب لايعلمه الا الله تعالى فحيث أطرد الصدق فيه ولم يقع ذلك قط علم أنه بإعلامه تعالى ومن عنده وإلى هذا يشير كلام الاصم والزجاج وفي رواية عن ابن عباس أن المراد لوجدوا فيه تناقضا كثيرا وذلك لأن كلام البشر اذا طال لم يخل بحكم العادة من التناقض ومايظن من الاختلاف كما في كثير من الآيات ومنه ماسبق آنفا ليس من الاختلاف عند المتدبرين وقيل وهو مما لابأس به خلافا لزاعمه المراد لكان الكثير منه مختلفا متناقضا قد تفاوت نظمه وبلاغته فكان بعضه بالغا حد الإعجاز وبعضه قاصرا عنه يمكن معارضته وبعضه إخبارا بغيب قد وافق المخبر عنه وبعضه إخبارا مخالفا للمخبر عنه وبعضه دالا على معنى صحيح عند علماء المعانى وبعضه دالا على معنى فاسد غير ملتئم فلما تجاوب كله بلاغة معجزة فائقة لقوى البلغاء وتناصر صحة معان وصدق أخبار علم أنه ليس إلا من عند قادر على مالا يقدر عليه غيره عالم بما يعلمه سواه انتهى