بقوا بمكة لمنع المشركين لهم من الخروج أو ضعفهم عن الهجرة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كنت وأنا وأمي من المستضعفين وقد ذكر منهم سلمة بن هشام والوليد بن الوليد وأبا جندل بن سهيل وانما ذكر الولدان تكميلا للاستعطاف والتنبيه على تناهي ظلم المشركين والايذان باجابة الدعاء الآتي واقتراب زمان الخلاص وفي ذلك مبالغة في الحث على القتال .
ومن ها يعلم ان الآية لاتصلح هنا دليلا على صحة اسلام الصبي بناءا على انه لولا ذلك لما وجب تخليصهم على ان في انحصار وجوب التخليص في المسلم نظرا لان صبي المسلم يتوقع اسلامه فلا يبعد وجوب تخليصه لينال مرتبة السعداء وقيل : المراد بالوالدان العبيد والاماء وهو على الأول جم وليد ووليدة بمعنى صبي وصبية وقيل : انه جمع ولد كورل وورلال وعلى الثاني كذلك أيضا إلا ان الوليد والوليدة بمعنى العبد والجارية .
وفي الصحاح : الوليد الصبي والعبد والجمع ولدان والوليدة الصبية والامة والجمع ولائد فالتعبير فالتعبير بالولدان على طريق التغليب ليشمل الذكور والاناث الذين في محل جر على أنه صفة للمستضعفين أو لما في حيز البيان وجوز أن نصبا بأضمار فعل أى أعنى أو أخص الذين .
يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها بالشرك الذي هو ظلم عظيم وبأذية المؤمنين ومنعهم عن الهجرة والوصف صفة قرية وتذكيره لتذكير ماأسند اليه فان اسم الفاعل والمفعول إذا أجرى على غير من هو له فتذكيره وتأنيثه على حسب الاسم الظاهر الذي عمل فيه ولم ينسب الظلم اليها مجازا كما في قوله تعالى : وكأين من قرية بطرت معيشتها وقوله سبحانه ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة الى قوله D : فكفرت بأنعم الله لأن المراد بها مكة كما قال ابن عباس والحسن والسدى وغيرهم فوقرت عن نسبة الظلم اليها تشريفا لها شرفها الله تعالى واجعل لنا من لدنك وليا يلي أمرنا حتى يخلصنا من أيدي الظلمة وكلا الجارين متعلق باجعل لاختلاف معنيهما وتقديمهما على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بهما وابراز الرغبة في المؤخر بتقديم أحواله وتقديم اللام على من للمسارعة الى إبراز كون المسئول نافعا لهم مرغوبا فيه لديهم وجوز أن يكون من لدنك متعلقا بمحذوف وقع حالا من وليا وكذا الكلام في قوله تعالى : واجعل لنا من لدنك نصيرا .
75 .
- أي حجة ثابتة قاله عكرمة ومجاهد وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : المراد ول علينا واليا من المؤمنين يوالينا ويقوم بمصالحنا ويحفظ علينا ديننا وشرعنا وينصرنا على أعدائنا ولقد استجاب الله تعالى شأنه دعاءهم حيث يسر لبعضهم الخروج الى المدينة وجعل لمن بقي منهم خير ولى وأعز ناصر ففتح مكة على يدي نبيه فتولاهم أي تول ونصرهم أي نصرة ثم استعمل عليهم عتاب ابن أسيد وكان ابن ثماني عشرة سنة فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعز أهلها وقيل المراد اجعل لنا من لدنك ولاية ونصرة أي كن أنت ولينا وناصرنا وتكرير الفعل ومتعلقيه للمبالغة في التضرع والابتهال هذا .
ومن باب الاشارة في الآيات إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها أمر للعارفين أن يظهروا ما كشفوا به من الأسرار الآلهية لأمثالهم ويكتموا ذلك عن الجاهلين أو أن يؤدوا حق كل ذي حق اليه فيعطوا الاستعداد حقه وألقوا حقها وآخر الامانات أداء أمانة الوجود فليؤده العبد الى سيده سبحانه وليفن فيه D وإذا حكمتم بين الناس بالارشاد ولايكون الابعد الفناء والرجوع الى البقاء فاحكموا بالعدل وهو الاضافة حسب الاستعداد ياأيها الذين أمنوا أطيوا الله بتطهير كعبة تجليه وهو القلب