وقيل : إن بين هذه المسألة ومسألة تزويج المشرقي بمغربية بعدا كبعد ما بين المشرق والمغرب لأن الوطء هنا متحقق في الجملة من غير حاجة إلى قطع براري وقفار ولا كذلك هناك والله تعالى أعلم والبنات جمع بنت في المشهور وصحح أن لامها واو كأخت وإنما رد المحذوف في أخوات ولم يرد في بنات حملا لكل واحد من الجمعين على مذكره فمذكر بنات لم يرد إليه المحذوف بل قالوا فيه بنون ومذكر أخوات رد فيه محذوفه فقالوا في جمع أخ : إخوة وأخوات وقد نظم الدنوشري السؤال فقال : أيها الفاضل اللبيب تفضل بجواب به يكون رشادي لفظ أخت ولفظ بنت إذا ما جمعا جمع صحة لإفساد فلأخت ترد لام وأما لفظ بنت فلا فأوضح مرادى مع تعويضهم من اللام تاءا فيهما لا برحت أهل إعتمادي وقد أجاب هو C تعالى عن ذلك بقوله : لفظ أخت له إنضمام بصدر ناسب الواو فأكتسي بالمعاد وقال أبو البقاء : التاء فيها ليست للتأنيث لأن تاء التأنيث لا يسكن ما قبلها وتقلب هاءا في الوقف فبنات ليس بجمع بنت بل بنه وكسرت الباء تنبيها على المحذوف قاله الفراء وقال غيره : أصلها الفتح وعلى ذلك جاء جمعها ومذكرها وهو بنون وإلى ذلك ذهب البصريون وما أخت فالتاء فيها بدل من الواو لأنها من الأخوة والأخوات ينتظمن الأخوات من الجهات الثلاث وكذا الباقيات لأن الأسم يشمل الكل ويدخل في العمات والخالات أولاد الأجداد والجدات وإن علوا وكذا عمة جده وخالته وعمة جدته وخالاتها لأب وأم أو لأب أو لأم وذلك كله بالإجماع وفي الخانية وعمة العمة لأب وأم أو لأب كذلك وأما عمة العمة لأم فلا تحرم وفي المحيط : وأما عمة العمة فإن كانت العمة القربى عمة لأب وأم أو لأب فعمة العمة حرام لأن القربى إذا كانت أخت أبيه لأب وأم أو لأب فإن عمتها تكون أخت جدة أب الأب وأخت أب الأب حرام لأنها عمته وإن كانت القربى عمة لأم فعمة العمة لا تحرم عليه لأن أب العمة يكون زوج أم أبيه فعمتها تكون أخت زوج الجدة أم الأب وأخت زوج الأم لا تحرم فأخت زوج الجدة أولى أن لا تحرم وأما خالة الخالة فإن كانت الخالة القربى خالة لأب وأم أو لأم فخالتها تحرم عليه وإن كانت القربى خالة لأب فخالتها لا تحرم عليه لأن أم الخالة القربى تكون أمرأة الجد أب الأم لا أم أمه فأختها تكون أخت أمرأة الأب وأخت أمرأة الجد لا تحرم عليه إنتهى ولا يخفى أنه كما يحرم على الرجل أن يتزوج بمن ذكر يحرم على المرأة التزوج بنظير من ذكر .
والظاهر أن هذا التحريم الذي دلت عليه الآية لم يثبت في جميع المذكورات في سائر الأديان نعم ذكروا أن حرمة الأمهات والبنات كانت ثابتة حتى في زمان آدم عليه السلام ولم يثبت حل نكاحهن في شيء من الأديان وقيل : إن زرادشت نبي المجوس بزعمهم قال بحله وأكثر المسلمين أتفقوا على أنه كان كذابا وعدم إيذاء الصفر المذاب له لأدوية كان يلطخ بها جسدهوقد شاهدنا من يحمل النار بيده بعد لطخها بأدوية مخصوصة ولا تؤذيهوحينئذ لا يصلح أن يكون معجزة .
وأما حل نكاح الأخوات فقد قيل : إنه كان مباحا في زمان آدم عليه السلام للضرورة وكانت حواء عليها السلام تلد في كل بطن ذكرا وأنثى فيأخذ ذكر البطن الثانية أنثى البطن الأولى وبعض المسلمين ينكر ذلك ويقول :