وجه دلالتها فيكون اللفظ حقيقة وإن كان مقرونا بما إذا نظر فيه إستدعى إرادة ذلك المعنى ألا يرى أن ماأدعوا فيه الشهادة على أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء من بيت الأعشى فيه قرينة تفيد العقد أيضا فإن قوله : .
فلا تقربن جارة .
نهى عن الزنا بدليل أن سرها عليك حرام فيلزم أن قوله : .
فأنكحن .
أمر بالعقد أي فتزوج إن كان الزنا عليك حراما .
أو تأبد .
أي توحش أي كن كالوحش بالنسبة إلى الآدميات فلا يكن منك قربان لهن كما لا يقربهن وحش ولم يمنع ذلك أن يكون اللفظ حقيقة في العقد عندهم في البيت إذ هم لا يقولون بأنه مجاز فيه وأما أدعاء أنه في الحديث للعقد فيستلزم التجوز في نسبة الولادة إليه لأن العقد إنما هو سبب السبب ففيه دعوى حقيقة بالخروج عن حقيقة وهو ترجيح بلا مرجح لو كانا سواء فكيف والأنسب كونه في الوطء ليتحقق التقابل بينه وبين السفاح إذ يصير المعنى عن وطء حلال لا وطء حرام فيكون على خاص من الوطء والدال على الخصوصية لفظ السفاح أيضا فثبت إلى هنا أنا لم نذره على ثبوت مجرد الإستعمال شيئا يجب إعتباره وقد علم أيضا ثبوت الإستعمال في الضم فبإعتباره حقيقة فيه يكون مشتركا معنويا من أفراده الوطء والعقد إن أعتبرنا الضم أعم من ضم الجسم إلى الجسم والقول إلى القول أو الوطء فقط فيكون مجازا في العقد لأنه إذا دار بين المجاز والإشتراك اللفظي كان المجاز أولى مالم يثبت صريحا خلافه ولم يثبت نقل ذلك بل قالوا : نقل المبرد عن البصريين وغلام ثعلب عن الكوفيين أنه الجمع والضم ثم المتبادر من لفظ الضم تعلقه بالأجسام لا الأقوال لأنها أعراض يتلاشى الأول منها قبل وجود الثاني فلا يصادف الثاني ما ينضم إليه فوجب كونه مجازا في العقدكذا في فتح القدير .
إذا علمت ذلك فنقول : حمل الشافعية النكاح في الآية التي نحن فيها على العقد دون الوطء وأستدلوا بها على حرمة المعقود عليها وإن لم توطأ وذهبوا إلى عدم ثبوت الحرمة بالزنا وحمله بعض اصحابنا عل ىالعقد فيها وأستدلوا بها على حرمة نكاح نساء الآباء وألاجداد وثبوت حرمة المصاهرة بالزنا وجعلوا حرمة العقد ثابتة بالإجماع ثم قالوا : ولو حمل عل ىالعقد تكون حرمة الوطء ثابتة بطريق الأولى .
وأعترض بأنه لا ينبغي أن يقال : ثبت حرمة الموطوأة بالآية والمعقود عليها بلا وطء بالإجماع لأنه إذا كان الحكم الحرمة بمجرد العقدولفظ الدليل الصالح لهكان مرادا منه بلا شبهة فإن الإجماع تابع للنص إذ القياس عن أحدهما يكون ولو كان عن علم ضروري يخلق لهم ثبت بذلك أن ذلك الحكم مراد من كلام الشارع إذا أحتمله وحمله آخرون على الوطء والعقد معا فقد قال الزبلعي : الآية تتناول منكوحة الأب وطءا وعقدا صحيحا ولا يضر الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن الكلام نفي وفي النفي يجوز الجمع بينهما كما يجوز فيه أن يعم المشترك جميع معانيه وقد نقل أيضا سعدي أفندي عن وصايا الهداية جواز الجمع بين معاني المشترك في النفي وحينئذ لا إشكال في كون الآية دليلا على حرمة الموطوأة والمعقود عليها كما لا يخفى .
وأعترض ما قاله الزيلعي بأنه ضعيف في الأصول والصحيح أنه لا يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز لا في النفي ولا في الإثبات ولا عموم للمشترك مطلقا وفي الأكمل والحق أن النفي كما أقتضاه الإثبات فإن أقتضى الثبات الجمع بين المعنيين فالنفي كذلك وإلا فلا ومسألة اليمين المذكورة في المبسوط حلف لا يكلم مواليهوله أعلون وأسفلون فأيهم كلم حنثليست بإعتبار عموم المشترك في النفي كما توهم البعض وإنما هو لأن حقيقة الكلام متروكة بدلالة اليمين إلى مجاز يعمها و في البحر إن الأولى أن النكاح في الآية للعقد كما هو المجمع عليه ويستدل