خاليا عن بيان حكم السحاق واللواطة وعلى ما قلناه يكون متضمنا لذلك وهو الأنسب بحاله فقد قال سبحانه : ما فرطنا في الكتاب من شيء وتبيانا لكل شيء وأجيب بأنا لا نسلم أن هذا قول لمجاهد ففي مجمع البيان أنه حمل اللذان يأتيانها على الرجلين الزانيين وأخرج عبد بن حميد وإبن جرير وإبن المنذر وإبن أبي حاتم عنه أنهما الفاعلان وهو ليس بنص على أنهما اللائطان عل ىأن حمل اللاتي في الآية الأولى على السحاقات لم نجد فيه عنه رواية صحيحة بل قد أخرجوا عنه ما هو ظاهر في خلافه فقد أخرج آدم والبيهقي في سننه عنه في تلك الآية أنه كان أمر أن يحبس ثم نسختها الزانية والزاني فأجلدوا وما ذكر من العلاوة مسلم لكن يبعد هذا التأويل أنه لا معنى للتثنية في الآية الثانية لأن الوعد والوعيد إنما عهدا بلفظ الجمع ليعم الآحاد أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس ولا نكتة للعدول عن ذلك هنا على تقرير أب يمسلم بل كان المناسب عليه الجمع لتكون آية اللواطة كآية السحاق ولا يرد هذا على ما قرره الجمهور لأن الآية الأولى عندهم للإناث الثيبات إذا زنين والآية الثانية للذكر البكر والأنثى البكر إذا زنيا فغوير بين التعبيرين لقوة المغايرة بين الموردين ويحتمل أيضا أن تكون المغايرة على رأيهم للإيذان بعزةوقوع زنا البكر بالنسبة إلى وقوع زنا الثيب لأن البكر من النساء تخشى الفضيحة أكثر من غيرها من جهة ظهور أثر الزنا وهو زوال البكارة فيها ولا كذلك الثيب ولا يمكن إعتبار مثل هذه النكتة في المغايرة على رأي أبي مسلم إذ لا نسلم أن وقوع اللواطة من الرجال أقل من وقوع السحاق من النساء بل لعل الأمر بالعكس وكون مطلوب الصحابة رضي الله تعالى عنهم معرفة حد اللوطي وكمية ذلك والإيذاء لا يصلح حدا ولا بيانا للكميةليس بشيءكما يرشد إلى ذلك أن منهم من لم يوجب عليه شيئا وقال : تؤخر عقوبته إلى الآخرة وبه أخذ الأئمة رضي الله تعالى عنهم على أنه أي مانع من أن يعتبر الإيذاء حدا بعد أن ذكر في معرض الحد وتفوض كيفيته إلى رأي الإمام فيفعل مع اللوطي ما ينزجر به مما لم يصل إلى حد القتل وكون الكلام في قوة فأمنعوهن عن إختلاط بعضهن ببعض في غاية الخفاء كما لا يخفى .
نعم ما في حيز العلاوة مما لا بأس به وما ذكر من أن التغليب خلاف الأصل مسلم لكنه في القرآن العظيم أكثر من أن يحصى وإعتباره في منكم تبع لإعتباره في اللذان وذكر مثله قبل بلا تغليب فيه ربما يؤيد إعتبار التغليب فيه ليغاير الأول فيكون لذكره بعده أتم فائدة ألا ترى كيف أسقط من الآية الثانية الإستشهاد مع إشتراطه إجماعا إكتفاءا بما ذكر في الآية الأولى لإتحاد الإستشهادين في المسألتين ودعوى لزوم التكرار في الموضع الواحد على رأي الجمهور ليست في محلها على ماأشرنا إليه في تفسير الآية ودعوى الإحتياج إلى إلتزام القول بالنسخ لا تضر لأن النسخ أمر مألوف في كثير من الأحكام وقد نص عليه هنا جماعة من الصحابة والتابعين على أن في كون فرضية الحد نسخا في الآية الأولى مقالا يعلم مما قدمناه في البقرة وإذا جعل أو يجعل إلخ معتبرا في الآية الثانية إلا أنه حذف منها إكتفاءا بما في الأولى كما يشير إلى ذلك خبر عبادة بن الصامت جرى المقال في الآيتين ولزوم خلو الكتاب عن بيان حكم السحاق واللواطة على رأي الجمهور دون رأيه في حيز المنع أما على تقدير تسمية السحاق واللواطة زنا فظاهر وأما عل ىتقدير عدم التسمية فلأن ذكر ما يمكن قياسهما عليه في حكم البيان لحكمهما وكم حكم ترك التصريح به في الكتاب إعتمادا عل ىالقياسكحكم النبيذ وكحكم الجد وغيرهماإعتمادا على بيان ما يمكن القياس عليه وذلك لا ينافي كونه تبيانا لكل شيء وأنه ما فرط فيه من شيء