للذكر مثل حظ الأنثيين لأن الثلثين ليس بحظ لهما أصلا لكن تلك الصورة ليست صورة الإجتماع إذ ما من صورة يجتمع فيها الإثنتان مع الذكر ويكون لهما الثلثان فتعين أن تكون صورة الإنفراد وإلى هذا أشار السيد السند في شرح السراجية وأورد أن الإستدلال دوري لأن معرفة أن للذكر الثلثين في الصورة المذكورة موقوفة على معرفة حظ الأنثيين لأنه ما علم من الآية إلا أن للذكر مثل حظ الأنثيين فلو كانت معرفة حظ الأنثيين مستخرجة من حظ الذكر لزم الدور وأجيب بأن المستخرج هو أحظ المعين للأنثيين وهو الثلثان والذي يتوقف عليه معرفة حظ الذكر هو معرفة حظ الأنثيين مطلقا فلا دور ولما في هذا الوجه من التكلف عدل عنه بعض المحققين وذكر أن حكم البنتين مفهوم من النص بطريق الدلالة أو الإشارة وذلك لما رواه أحمد والترمذي وأبو داؤد وإبن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : جاءت أمرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالت : يارسول الله هاتان إبنتا سعد قتل أبوهما يوم أحد وأن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : يقضي الله تعالى في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله إلى عمهما فقال : أعط لإبنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك .
فدل ذلك على أن إنفهام الحكم من النص بأحد الطريقين لأنه حكم به بعد نزول الآية ووجهه أن البنتين لما إستحقتا مع الذكر النصف علم أنهما إذا إنفردا عنه إستحقتا أكثر من ذلك لأن الواحدة إذا إنفردت أخذت النصف بعد ما كانت معه تأخذ الثلث ولا بد أن يكون نصيبهما كما يأخذه الذكر في الجملة وهو الثلثان لأنه يأخذه مع البنت فيكون قوله سبحانه : فإن كن نساء إلخ بيانا لحظ الواحدة وما فوق الثنتين بعد ما بين حظهما ولذا فرعه عليه إذ لو لم يكن فغيما قبله ما يدل على سهم الإناث لم تقع الفاء موقعها وهذا مما لا غبار عليه وقيل : إن حكم البنتين ثبت بالقياس على البنت مع أخيها أو على الأختين .
أما الأول فلأنها لما أستحقت البنت الثلث مع الأخ فمع البنت بالطريق الأولى وأما الثاني فلأنه ذكر حكم الواحدة والثلاث فما فوقها من البنات ولم يذكر حكم البنتين وذكر في ميراث الأخوات حكم الأخت الواحدة والأختين ولم يذكر حكم الأخوات الكثيرة فيعلم حكم البنتين من ميراث الأخوات وحكم الأخوات من ميراث البنات لأنه لما كان نصيب الأختين الثلثين كانت البنتان أولى بهما ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزيد على الثلثين فبالأولى أن لا يزداد نصيب الأخوات على ذلك وقد ذهب إلى هذا غير واحد من المتأخرين وجعله العلامة ناصر الدين مؤيدا ولم يجعله دليلا للإستغناء عنه بما تقدم ولأنه قيل : إن القياس لا يجري في الفرائض والمقادير ونظر بعضهم في الأول بأن البنت الواحدة لم تستحق الثلث مع الأخ بل تستحق نصف حظه وكونه ثلثا على سبيل الإنفاق ولا يخفى ضعفه وقيل : يمكن أن يقال : ألحق البنتان بالجماعة لأن وصف النساء بفوق إثنتين للتنبيه على عدم التفاوت بين عدد وعدد والبنتان تشارك الجماعة في التعدد وقد علم عدم تأثير القلة والكثرة فالظاهر إلحاقهما بالجماعة بجامع التعدد وعدم إعتبار القلة والكثرة دون الواحدة لعدم الجامع بينهما .
وقيل : إن معنى الآية فإن كن نساء إثنتين فما فوقهما إلا أنه قدم ذكر الفوق على الإثنتين كما روى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيام إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها فإن معناه لا تسافر سفرا ثلاثة أيام فما فوقها وإلى ذلك ذهب من قال : إن أقل الجمع إثنان وأعترض على إبن عباس