يخشوا الله تعالى أو يخافوا على أولادهم فيفعلوا مع اليتامى ما يحبون أن يفعل بذراريهم الضعاف بعد وفاتهم وإلى ذلك يشير كلام إبن عباس فقد أخرج إبن جرير عنه أنه قال في الآية : يعني بذلك الرجل يموت وله أولاد ضغار ضعاف يخاف عليهم العيلة والضيعة ويخاف بعده أن لا يحسن إليهم من يليهم يقول : فإن ولي مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم ولا يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا والآية على هذا مرتبطة بما قبلها لأن قوه تعالى : للرجال إلخ في معنى الأمر للورثة أي أعطوهم حقهم دفعا لأمر الجاهلية وليحفظ الأوصياء ما أعطوه ويخافوا عليهم كما يخافون على أولادهم و قيل في وجه الإرتباط : إن هذا وصية للأوصياء بحفظ الأيتام بعد ما ذكر الوارثين الشاملين للصغار والكبار على طريق التتميم وقيل : إن الآية مرتبطة بقوله تعالى : وأبتلوا اليتامى وثانيها أنه أمر لمن حضر المريض من العواد عند الإيصاء بأن يخشوا ربهم أو يخشوا أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولادهم فلا يتركوه أن يضربهم بصرف المال عنهم ونسب نحو هذا إلى الحسن وقتادة ومجاهد وسعيد بن جبير .
وروى عنإبن عباس أيضا ما يؤيده فقد أخرج إبن أبي حاتم والبيهقي عنه أنه قال في الآية : يعني الرجل يحضره الموت فيقال له : تصدق من مالك وأعتق وأعط منه في سبيل الله فنهوا أن يأمروا بذلك يعني أن من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق من ماله في العتق أو في الصدقة أو في سبيل الله ولكن يأمره أن يبين ماله وما عليه من دين ويوصي من ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون يوصي لهم بالخمس أو الربع يقول : أليس أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف يعني صغارلا يرضى أن تيركهم بغير مال فيكونوا عيالا على الناس فلا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم ولكن قولوا الحق من ذلك وعلى هذا يكون أول الكلام للأوصياء وما بعده للورثة وهذا للأجانب بأن لا يتركوه يضرهم أولا يأمروه بما يضر فالآية مرتبطة بما قبلها أيضا وثالثها أنه أمر للورثة بالشفقة على من حضر القسمة من ضعفاء الأقارب واليتامى والمساكين متصورين أنهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضعافا مثلهم هل يجوزون حرمانهم وإتصال الكلام على هذا بما قبله ظاهر لأنه حث على الإيتاء لهم وأمرهم بأن يخافوا من حرمانهم كما يخافون من حرمان من حرمان ضعاف ذريتهم ورابعها أمر للمؤمنين أن ينظروا للورثة فلا يسرفوا في الوصية وقد روى عن السلف أنهم كانوا يستحبون أن لا تبلغ الوصية الثلث ويقولون : إن الخمس أفضل من الربع والربع أفضل من الثلث وورد في الخبر ما يؤيده وعلى هذا فالمراد من الذين المرضى وأصحاب الوصية أمرهم بعدم الإسراف في الوصية خوفا على ذريتهم الضعاف والقرينة عليه أنهم المشارفون لذلك ويكون التخويف من أكل مال اليتامى بعده تخويفا عن أخذ مازاد من الوصية فيرتبط به ويكون متصلا بما قبله تتميما لأمر الأوصياء والورثة بأمر مرضى المؤمنين وهذا أبعد الوجوه وأبعد منه ما قيل : إنه أمر لمن حضر المريض بالشفقة على ذوي القربى بأن لا يقول للمريض لاتوص لأقاربك ووفر على ذريتك وأبعد من ذلك القول : بأنه أمر للقاسمين بالعدل بين الورثة في القسمة بأن لا يراعوا الكبير منهم فيعطوه الجيد من التركة ولا يلتفتوا إلى الصغير ولو بما في حيزه صلة الموصول كما قال غير واحد ولما كانت الصلة يجب أن تكون قصة معلومة للخاطب ثابتة للموصول كالصفة قالوا : إنها هنا كذلك أيضا وأن المعنى وليخش الذين حالهم وصفتهم أنهم لو شارفوا أن يخلفوا ذرية ضعافا خافوا عليهم الضياع .
وذهب الأجهوري وغيره إلى أن لو بمعنى إن فتقلب الماضي إلى الإستقبال وأوجبوا حمل تركوا